122

نور

النور لعثمان الأصم

ژانرونه

قلنا إن الله تعالى أولى بكل صفة حسنة. ولكن لا يجوز على الله، إذ ليس هو بصفة حسنة. وذلك أن العرب كلما عفوا عن الأمر الذي هو أعظم، عمن بالغ في عداوتهم، كان ذلك أحسن. فلو كان ذلك أيضا في صفة الله حسنا، لكان يحسن أن يعفو عمن جحده، وكفر به. وجعل معه إلها غيره. وجعل له الصاحبة والولد، حتى لقيه كافرا مشركا جاحدا. فلما أجمعوا جميعا، لا خلاف بينهم: أنه لا يعفوا عن أحد من هؤلاء، ممن أشرك به وجحده، علمنا أن هذا لا يساوي فيه بين صفة الخالق والمخلوق، مع أن الذي يعفو من الخلق، بعد أن توعد، إنما تبدو له المصلحة في العفو، لما لم يكن علمه. وذلك لا يجوز على الله أن يبدو له شيء، لم يكن علمه قبل ذلك. وأيضا فلا يخلو القول في وعيد أهل الكبائر، من أحد وجوه ثلاثة: إما يكون الله تعالى قال: إنه يوقع بهم هذا الوعيد. فلا بد من وقوعه بهم،

على كل حال، أو يكون قال ذلك، وهو لا يدري يوقعه بهم أم لا، أو يكون. قال ذلك. وهو يعلم أنه لا يوقعه بهم. ولا يفعله.

فإن كان قاله، وهو يعلم أنه لا يوقعه بهم. فهذا هو الكذب على الله تعالى عنه.

وإن كان قال ذلك. وهو لا يدري يوقعه بهم أم لا؟ فهذه هي صفة الجاهل. والجاهل ليس بإله علم تعالى الله عن ذلك. فلما بطل هذان الوجدهان، صح ما قلنا: إنه إذا توعد بعقوبة أمضاها.

فمن زعم أن في الوعيد ناسخا ومنسوخا، فإن الله توعد أهل الكبائر بالنار. ثم نسخ ذلك بقوله: { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } . فقد كذب، لأن النسخ إنما هو في الأمر والنهي. يأمر عادة بأمر، ثم يخفف عنهم، أو ينهى عن أمر، ثم يرخص لهم فيه، لعلمه بصلاح عباده؛ لأن الناسخ والمنسوخ في الأخبار: أن يخبر بخبر أنه كائن. ثم يقول: لا يكون. فذلك هو الكذب تعالى الله عنه.

مخ ۱۲۲