فإن قال: وكيف يقدر أن يؤمن، وقد علم الله أنه لا يؤمن. ولئن قدر على ذلك، إنه لقادر على تجهيل الله تعالى وعز عن ذلك.
قيل: هذا غلط ظاهر، لأنا ما زعمنا أن الله تعالى علم منه أنه لا يؤمن ولم يعلم منه، أنه يقدر. بل قد علم الله تعالى منه الأمرين جميعا. فعلم منه أنه يقدر أن يؤمن. ولا يؤمن، ليس لأنه لا يقدر. ولكن لسوء اختياره لنفسه. فليس في الأمرين إلا ما قدر علمه الله. ولو كان أبو جهل، إذا علم الله أنه لا يؤمن، وقدر على الإيمان،كان قادرا، على تجهيل الله تعالى، لكان الله تعالى، لما أمره بالإيمان، مع علمه بأنه لا يؤمن، أمرا له بتجهيل بربه. ولكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، لما دعاه إلى الإيمان، دعاه إلى تجهيل الله. هذا واضح السقوط. على أنا نقول: إن في تكليفه له لطفا لغيره، ممن علم الله أنه لا يؤمن، إن لم يكلف هذا فمثاله مثال ما بينا في الإثنين ، وتسليمها. وإن شاء أحد الإثنين لنفسه. ولم يتعلم.
قال المؤلف: في المسألة غلط حروف وكلام، وشي من العاني، زالا عن الحق يعرض على المسلمين؛ لأنها من كتب قومنا. والحق معنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا من علم الله، أنه لا يؤمن إلى الخروج، من معلوم إلى معلوم. وإنما لا يقدر أن يؤمن لشغله بالكفر عن الإيمان.
مخ ۱۲۰