117

نور

النور لعثمان الأصم

ژانرونه

وأما هدى البيان والدلالة والإرشاد إلى الحق، فقد بين الله تعالى لعباده المكلفين أجمع. قال الله تعالى: { إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا } فهذا هدى البيان.

فهدى البيان قد آتاه الله الخلق أجمعين.

فإن قال: هل هدى الله الكفار؟

قيل له: نعم. هداهم هدى البيان والدلالة، لا هدى السعادة. وقد قال الله تعالى: { وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى } .

وإنما ضلت الكفار وكفرت، باستحسانهم الكفر على الإيمان، بسوء اختيارهم.

قال المؤلف: وقوله تعالى: { يهدي من يشاء ويضل من يشاء } المعنى: فمن علم الله أنه يهتدي لم يضل. ومن علم أنه يضل لم يهتد، من غير أن يكون العمل ساق العباد إلى ما عملوا وقد بين الله مشيئة الهدى فقال: { ويهدي إليه من أناب } ومشيئة الضلال، بقوله: { ويضل الله الظالمين } .

وإنما هدى الله من، اختار الإيمان على الكفر فبحسن اختياره، هداه الله.

وبسوء اختيار الكافر والمنافق، الكفر والنفق على الإيمان، أضله الله. وكلا الفريقين يكون هدى الله للمهتدي، وضلاله للضال، عند عمل المهتدي والضال، لا قبل ذلك، ولا بعد. قال الله تعالى: { فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم } عند إزاغتهم، لا قبل ذلك، ولا بعد.

ولا بد للمكلف أن يكون إما مهتديا أو ضالا. فلا تأتي على العبد طرفة عين، إلا وهو إما مهتد، وإما ضال. فقيل: إما هداية من هداه الله من الله منة وفضلا، يمن بها عليه. وإما هداية من عدل. فالله تعالى يحتج لها عليه.

فالمؤمنون والكافرون أجمعون قد هداهم الله تعالى، هدى البيان والدلالة. فقد هداهم جميعا إلى الدين؛ لأنه قد دلهم جميعا على الدين. وضلال الله تعالى، ليس كضلال الشيطان، يدعو ويزين، ويرغب في شيء من المعاصي.

مخ ۱۱۷