هل الواجب الدفاع عن البلد أو عن القرية أو عن المصر كله وهل عمان كلها مصر واحد أو هي والبحرين كما ذكره ابن النظر وغيره وفي مسألة الجهاد عن الشيخ الخليلي رحمه الله ما نصه قلت له فوجوب الدفاع عن البلد أو عن القرية أو عن المصر أهو على الترتيب أم على الإطلاق في وقت الحاجة إليه قال هذا مما يختلف فيه قيل لزومه على الإطلاق في وقت الحاجة إليه وقيل على الترتيب وقيل أن كان العدو قاصدا للجميع فهو على الإطلاق وإلا فهو على الترتيب قلت وما هذا الترتيب المذكور وما وجهه قال أن كان الخصم قاصدا لشخص بعينه وهو قادر على دفعه لم يلزم ذلك أهل البلد ولا من حضره فان لم يكف نفسه لزم ذلك أهل بلده ولا يلزم أهل قريته وكذا أن كان الخصم متعينا لبلد فلا يلزم أهل القرية وقيل أن لم يكف أهل البلد لدفعهم فعلى أهل القرية وقيل لا يلزم أهل\قرية الخروج دفاعا عن قرية أخرى وهو أكثر القول وقيل إذا لم يكف أهل القرية للدفاع فعلى من يليهم من البلدان والقرى أولا فأولا حتى يأتي على أهل المصر كله فهذا القول أصح ولا يلزم الترتيب وأن كان العدو خصما لبلد أو قرية فالقول بالترتيب أصح في النظر قلت له فهل في الدفاع من قول يصح في الرأي غير هذا قال نعم قد قيل أن كان جبار في عمان إذا أصر على ظلمه وامتنع عن الانقياد إلى الحق وحكمه فقتاله دفاع يجب على أهل المصر جميعا لأنه لدفع ظلمه وفساده وإزالة جوره وعناده فدفع ظلمه الواقع بالخلق كدفع الخصم الخارج المخوف منه وقوع الظلم بل أشد لأنه هذا واقع وذلك مخوف أن يقع والبلية يدفع الواقع أشد وفي قول الصبحي على أن القول بهذا يشبه الأنفاق من أهل العلم فيما يشبه الأنفاق أن عمان كالبلد في حكم الجهاد لعدوها وأنا نحفظ ذلك عن عامة أهل العلم إلا من شاء الله منهم وأن جهادها دفاع كان هذا من رأى الإمام راشد بن سعيد رحمه الله ومن تابعه في زمانه انتهى بلفظه وفيه ما دل أن جهاد عمان كله دفاع فأنظر كيف رتب أولا في الدفاع قال أن عمان كالبلد في الجهاد لعدوها ثم لم يكتف بذلك حتى أوضح قاعدة أخرى هي أكبر وأعم من الأولى فقال عاطفا بالنسق وأن جهادها دفاع فدل بظاهر إطلاقه على أن جهاد عمان دفاع كله فهو شامل لجميع الصور قلت له فهل في الأثر قول وأضح من هذا في معناه فأن قوله وأن جهادها دفاع يأتي التأويل على غير ذلك قال نعم أن وردت المزير فيه فهاك من كتاب لباب الإيثار مسألة في الإمام هل له جبر الرعية للجهاد من وجب علبه على وصفه في الأثر قال معي أن في ذلك اختلافا فأن كان هو خارجا على عدوه من أهل الحرب والإنكار أو من أهل التوحيد والاقرار فهنا محل الخلاف وأن كان هو المخروج عليه فجبرهم على مصالحهم أوجب والزم إذا كان لهم فيه الصلاح الظاهر مسألة خامسة في الدفاع عن مال من جهاد عليه ببعض ماله إذا لم يكن للإمام أو الجماعة من الجنود والعساكر ما يدفعون به الظالم الباغي والمعتدي وذلك كالغايب واليتيم والمساجد والأفلاج والأوقاف فهل يجوز الأخذ من هذه الوجوه لبقاء بعضها أو لا فقيل لا سبيل على مال هؤلاء لأنه لا جهاد عليهم ولا دفاع وفي قول أخر يجوز أن كان ذلك دفاعا عن الجميع وقد أجاز الفقهاء أن يدافع بشيء من أموال هؤلاء المذكورين لسلامة أموالهم وأنفسهم نظرا في المصالح وجواز ذلك للدفاع بالقتال عنهم والذب والحماية لأموالهم أعز للإسلام وانكأ للعدو وأكبت للبغاة وأرضي الله تعالى بالجواز كما نطق به الأثر وأنه لصحيح في النظر قلت له ومن هذا القبيل ما عمل به الأشياخ المتأخرون من كفت الافلاج للمدافعة عن الرعية في موضع الخوف عليها وفيها الغايب واليتيم والوقف وغيره وقد أجازوه على الجميع ويرفع ذلك عن الشيخ أحمد بن مفرج قال هكذا قيل أنهم عملوا بذلك في دفع الجبار ببعض المال وقاس عليه الصبحي جواز ذلك لدفعه بالقتال فكان هذا حسنا من قوله جزاه الله عن المسلمين خيرا قلت له وما جاز في هذا أن تقعد له الأفلاج وتكفت هل يجوز على أصول الأموال فيسلم كل أحد على قدر صلب ماله قال هكذا قيل وصرح به الصبحي في كتاب منهاج العدل أن الرجل يقوم بيته ليؤخذ منه قدر ما يملك إذا لم يجحف بمونته ومونة من يلزمه عوله أنتهي واللفظ له قلت له إذا جاز ذلك على الأصول بقدر القيمة أفلا يجوز أن يكون على قدر الغلة فيرتب في أخذه على قدر ذلك قال هكذا عندي أن كان في دفع بمال أو بحماية وقتال فكله سواء قلت له والتجارة والنقود هل يجوز أن تشارك الأصول فيكون لها حكمها قال هكذا عندي وأن لم أجده عن غيري لكنني لا أرى حكم الأموال في العدل الاسواء في ذلك فبأي معنى يلزم الأصول ما لا يلزم غيرها من غير دليل ولا حجة توجبه قلت له فالحيوان والعروض كذلك قال هكذا يظهر لي في ذلك قلت له ولاي معنى خصت الأصول في الأثر ذلك قال لأنها معظم الأموال عند أهل عمان فالتفاهم إليها أكثر ونظرهم إليها في اللازم أوفر حتى كأنهم لم يعتدوا بغيرها لقلته وكثرتها فترك الاشتغال بما لا طائل تحته أولى وإنما ذكرناه لبيان الجواز قلت له فهل لما عمل به هؤلاء الاشياخ من جواز الدفاع بشيء من الأموال أصل في السنة أم كيف الوجه فيه قال الله أعلم وقد يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قد أراد أن يدفع المشركين عن المدينة المشرفة صلحا على الثلث من ثمارها فاحتج به على جواز ذلك موضع الضرورة إليه ولولا أنه لم يكن جائزا لم يرد النبي صلى الله عليه وسلم أن يفعله والمدينة مصر جامع ولن نجد مصرا يخلو من أحد لا يملك أمره غالبا وما كان تركه الصلح لعدم جوازه لكن لما ظهر له من شدة في أصحابه والجراءة على العدو وعدم مبالاتهم بكثرة الخصم وشدة البأس أنتهي ما نقلناه من كلام الشيخ الخليلي نور الله ضريحه .
مخ ۱۸