( ومنهم آخذ للمال مختلس ومنهم سارق بالسر قد خزلا ) الكلام أولا فيما تقتضيه معاني الكلام في هذه الأبيات الخمسة لأنه جعل لأحكامها بابا مستقلا فنتكلم هنالك أن شاء الله بما يسره الله من الأحكام عليها قوله أما فهي هنا للتفصيل وهو غالب أحوالها كقوله تعالى أما الغلام وأما السفينة وقد تبدل همزتها ياء وهي لغة فصحاء وقد تكون شرطية قوله البغاة جمع باغي وتقدم الكلام عليه بأنه الاستطالة على الغير بغير الحق قوله صنوف الصنف بالكسر النوع جمعه أصناف وصنوف قولهم منهم من البيان الجنس أو للتبعيص والضمير راجع إلى البغاة قوله فئة الفئة الطائفة من الناس قوله جاءت أي أقبلت تقاتل أخرى المقاتلة مفاعلة لا تكون الا بين أثنين فصاعدا أخرى صفة لموصوف محذوف أي فئة أخرى قوله في البيوت جمع بيت وهو شامل لبيوت المدر والصوف والمراد به هنا عموم الأمكنة التي هي ملك للمبغي عليهم لا نفس البيوت فقط قوله بلا حق أي أن مجيئهم بغيا لا لطلب حق لهم ولا لغيرهم وتخرجهم أي تزعجهم منها جهرا والجهر ضد السر وانتصابه على الحال وقولهم تسلبهم قهرا أي تأخذا أموالهم قهرا والسلب أصله الأخذ اختلاسا قوله وتستأصل الأموال أي تقطعها من أصلها والنسل هم الأولاد اسم شامل للبنين والبنات قوله كذا إذا قصدوهم في طريقهم أي اعترضوا لهم بغير حق قوله ومنهم من تبغيضية وهم إشارة إلى البغاة أي من البغاة صنف قطع السبلا أي أخاف المار فيها فصارت مقطوعة والقطع لغة الإبانة والإزالة وأما أحكام قطع الطرق فسيأتي ومنهم أي البغاة سالب للمال السلب لغة تقدم معناه وأما عرفا فهو أخذ السلاح والنهب أصله أخذ الغنيمة ونهبه أخذه مجاهرة والاسم النهبة بالضم أي يستحله ديانة يعتقد استحلاله بها أو انتهاكا يدين بتحريمه فيركبه والأكل هنا يشمل الأخذ بأي وجه كان من طرقة ليس المراد القضم بالفم فقط كقوله تعالى ( لا تأكلوا أمولكم بينكم بالباطل قوله مختلس أي أخذ له سرا ومنهم سارق السرقة أخذ المال خفية ولها تفصيل وأحكام في محلها قوله خزلا أي قطع وأصل الانخزال إزالة بعض من بعض أي شيء من شيء بغير شدة.
الباب الثاني في أحكام البغاة :
( والحكم مختلف فيهم فأولهم قتاله واجب لا شك حين غلا )
( والشك في كفره حجر وتركهم إياه يقتلهم حجر كمن فعلا )
قوله الحكم بالضم هو أعم منن القضاء لصداقه على حكم من حكمه الخصمان وعلى من نصبه الأمام والجماعة وفي القاموس الحكم ومادته من الأحكام بكسر الهمزة وهو الإتقان للشيء ونفيه من العيب ومنه القضاء وله أركان حاكم ومحكوم عليه ومحكوم له به ومحكوم فيه قوله مختلف أي أن الحكم مختلف في البغاة المقدم ذكرهم فأوهم أي البغض من أصنافهم فهم الباغية التي جاءت تقاتل قوما مبغيا عليهم في مكاناتهم كقتل رجالهم وتنهب أموالهم وتسبى نسلهم مجاهرة بغير حق فهؤلاء يجب قتالهم ودفعهم عن الأنفس والأموال وجوبا حتميا وفي المقام مسائل.
المسألة الأولى :
فيما يثبت به البغي قال في النيل يثبت البغي في نفس أو مال أو فرج وفي كل فاحشة وأن مع رجال أو نساء ويدفع قاصدها ولو عن الغير ويكون في نفس بما يقتل به كضرب بسلاح وهو ما يكون به موت المضروب والو عصى بها حديد وبما يتوهم به منه قتل ويثبت به جرح كضرب بعود أو حجر أو عظم ونحوه أو لا يثبت به جرح ويحصل به ألم أو لا يحصل كامساك بيد أو رجل أو ثوب أو جسد مطلقا أو إرادة إمساكه أو مسه بتعدية أو بعد حجر أو إرادة نزع كلباس أو سلاح أو دابة أو سفينة أو إمساك ذلك على حجر إلى أن قال ويثبت في المال بنزعه أو إرادته أو بمنع منه أو بانتفاع بقصد إليه أو لأخذه به أو إفساده ولو بتنفير دابة أو طرد رقيق وحل الدفاع بذلك كله أن لم يندفع إلا به.
المسألة الثانية :
مخ ۱۴