مَزيّة فيه. فالله قد أقسم بالعصر (الذي هو الزمان) على أنّ الإنسان لفي خُسر إشارةً إلى أن هذه الخسارة تأتي حتمًا مع الزمان، وليست خسارةَ مالٍ يعوَّض ولا خسارة حبيب يُنسى. إنها خسارة الحياة نفسها. فإذا كان مقدَّرًا عليك أن تعيش سبعين سنة فإنك تخسر في كل دقيقة تمر عليك جزءًا منها، حتى إذا مرّت بك سبعون سنة لم يبقَ لك شيء وخلّفتَ وراءك كل ما كنت تحسبه لك.
لو اتخذت كيسًا فعلّقته في عنقك وجعلت فيه مالك، وحملت مسدسك على جنبك تدافع به عن نفسك فإن الناس يبتعدون عنك مدةَ حياتك، ولكنهم ينهبونه منك بعد موتك بدقيقة، ولا تقدر أن تمدّ يدك فتدفعهم عنك أو تفتح فمك فتقول لهم: ماذا تعملون؟
لا تأخذُ معك من كل ما تملك شيئًا، لا من مالك ولا من عماراتك ولا من سياراتك ولا من جاهك وسلطانك؛ العمارات تبقى في أرضها فيملكها وريثك، والسيارات يركب بها سواك، والجاه والسلطان يتمتع به غيرك. وتدخل القبر وحيدًا فريدًا عاريًا إلا من كفنك.
هذا شيء ظاهر لا ينكره منكر؛ إنها خسارة كل شيء إلا شيئًا واحدًا تأخذه معك إلى الدار الآخرة، هو الإيمان والعمل الصالح: ﴿والعَصْرِ، إنّ الإنسانَ لَفي خُسْرٍ، إلاّ الذين آمَنوا وعَمِلوا الصّالحات﴾.
* * *
إن مَثَلَنا مَثَلُ أهل تلك الجزيرة التي أخلاها الأمريكان من
1 / 25