نور و هدایه
نور وهداية
خپرندوی
دار المنارة للنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٩ م
د خپرونکي ځای
جدة - المملكة العربية السعودية
ژانرونه
فيشنق به نفسه، ثم قعد يفكر فرأى أن هذه النقمة يمكن أن تنقلب نعمة، لأنه ما في الدنيا شيء إلا وفيه بعض النفع وإن كان فيه كثير من الضرر. فهداه الله بتفكيره إلى أن يجعل الأرض لتربية الحيّات والثعابين يبيع منها للحُواة (أي الذين يربّون الحيّات)، وجاء بخبراء يأخذون جلودها لتصنع منها الحقائب والأحذية للنساء ويستخرجون سُمّها ليكون منه ترياق فيه الدواء بعد أن كان منه الداء، فاغتنى من ذلك. ولولا هذا التفكير لانتحر!
أما المسلم فلا ينتحر أبدًا ولا ييأس أبدًا، لأنه يعلم أنها مهما سُدَّت من حوله الطرق وتعذّر عليه المسير وحاقت به الشدائد فإن طريق السماء لا يُغلَق أبدًا، وإنْ سُدّت الأبواب كلّها فإنّ باب الله مفتوح دائمًا، فمُدّوا أيديكم -إذا ضاقت بكم أبواب الرزق أو حاقت بكم المصائب- وقولوا: يا رب!
إن كنت في ضيق تبحث عمّن يُقرضك ألفًا فجاءك شيك بعشرة آلاف، أكنت باقيًا على ضيقك؟ هذا صكّ من أكرم الأكرمين يقول: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ويَرْزُقْهُ مِن حَيْثُ لا يَحتَسِبُ﴾. فإذا أردتم مخرجًا من ضيقكم فبتقوى الله، وإذا أردتم رزقًا من جهة لا تعرفونها فبتقوى الله، وتقوى الله فيها -من بعد ذلك كله- اطمئنان النفس، واطمئنانُ النفس أعظم نِعَم الحياة.
* * *
ومن أقوى الوسائل اليوم إلى الرزق العلمُ، فإن فاتك قطاره صغيرًا فلا تتردد عن اللحاق به كبيرًا، فإن العلماء الذين أعرفهم أنا درسوا على كبر فبلغوا في العلم أعلى الذّرى كثير كثير، وربما
1 / 134