119

نور و هدایه

نور وهداية

خپرندوی

دار المنارة للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٩ م

د خپرونکي ځای

جدة - المملكة العربية السعودية

ژانرونه

الرّزق مقسوم، هذا حقٌّ نؤمن به، ولكنْ لا بدّ من اتخاذ الأسباب. وقد ذهب الناس في أمر الأسباب مذهبين كلاهما يحيد عن الصواب ولا يوصل إلى الغاية؛ فمنهم من ظن أنه ما دام الرزق مقسومًا فما عليّ إلاّ أن أقعد وأنتظره، فتركوا العمل واحتجّوا بحديث عن رسول الله ﵊: «لو توكّلتم على الله حقّ توكُّله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خِماصًا (أي جائعة) وتعود بِطانًا (أي ممتلئةً بطونُها)» (١) وغفلوا عن أن هذا الحديث حجّة عليهم لا لهم، فالطير ما قعدت في أعشاشها وانتظرت أرزاقها، ولكنها غدت وراحت، وهل تملك الطير إلا الغدوّ والرَّواح؟
ومن غير المسلمين مَن اتّكل على الأسباب وحدها وظن أن النتائج مَنوطة أبدًا بها لا تخرج عنها، وغفلوا عن أن وراء الأسباب مُسبِّبًا. ولم يتنبّهوا إلى أنه طالما مات الرجل عن ولدين متماثلين صحّةً وشبابًا وقوة وذكاء، فاقتسما ماله، وإذا بأحدهما يُفتَح عليه باب رزق لم يكن مُنتظَرًا، تأتيه مثلًا وكالة شركة من الشركات الكبرى فلا تمرّ سنوات حتى يصير من كبار أرباب الأموال، ويبقى الثاني على حاله. وقد يكون في الغرفة الواحدة من المستشفى مريضان، مرضُهما واحد وطبيبُهما واحد والدواءُ الذي يأخذانه واحد، وإذا بأحدهما يرجع إلى بيته معافى والثاني يُحمَل ميتًا إلى المقبرة.
ونحن لا نتوكل هذا التوكّل الذي لم يأمر به الإسلام، بل

(١) أخرجه الترمذي وابن ماجه وأحمد والحاكم وصحّحه (مجاهد).

1 / 132