وقد انتهت المحادثة.
فصافحت يمين المؤلف بيساري، وانصرفت تاركا محدثي ينعم بأوهامه - وما أرفق الجهل بأصحابه! - حاسبا أنه تمخض هذه السنين الطوال، فولد رائعة، وأنه نام عام 1924 قزما، ونهض سنة 1937 عملاقا، وهو لا يدري أنه: «ناخ نوخة جمل، وقام قومة هر.»
أشخاص نخب العدو
ليسوا وحدات مستقلة، ولكنهم أفراد من مجموع. كل واحد منهم له مزاياه الجسدية، والعقلية، والنفسية، وله تاريخ حياة حافل بالحوادث، فتعرف إليهم كما يظهرون لك. خذ.
أم وسيم
تعبد بعد الله - وربما قبله - ولدها وسيم، وتبغض قبل الشيطان «بني الحمصي» - قتلة أبي وسيم. شديدة العزم، شديدة الذكاء والإرادة، قوية الشكيمة ، جريئة، ورعة، تخاف الله وتستنجده، وتصلي له، وتأتمه، كأنه صديق قديم، والصديق يبغض عدو صديقه، فالله فاتك في نهاية الأمر ببيت الحمصي، حام لوسيم. تبغض كل من ليس من دينها، أو حزبها أو ضيعتها. عبثا تحاول تحويل اقتناعها، إذ إن قوة النفس قد أرهفته، فلا مساومة في معتقداتها، حريصة، حذرة، يقظة، كثيرة الجد، ذات أنفة وكبرياء، طاهرة من العجرفة، ضربة السيف لا تؤلمها، ولا تفهم كيف تؤلم سواها.
حلفت أن تخنق «هدى الحمصي» بغدائرها، ولو رجعت «هدى» غير مقصوصة الغدائر لماتت على وصفة «أم وسيم»، ثيابها جبلية، نظيفة، وكذلك أثاث بيتها، أمارة بحديثها، أبدا تصيح، مدمدمة، محتجة، كثيرة التحدث مع نفسها بصوت عال منذ الصغر، زادت بها هذه العادة بعد ذهاب «أبي وسيم»، فأي أرملة أحبت رجلها لا تشعر بالوحدة بعد فقده، وأي علامة للوحدة مثل تحدث الإنسان لنفسه بصوت عال؟!
خفيفة الخطى على شيخوختها، نحيلة الجسم، صلبته. أبغض الأمور إليها الأكل والنوم. أقامت لأبي وسيم تمثالا في عيني وسيم. فليس من مزية مستحبة في الدنيا لم يتحل بها «أبو وسيم». أما كيف كان أبو وسيم يضربها، فأمر لا تحدث به الناس.
ربما مثل «أم وسيم» أمهات قيصر، ووشنطن، ونابليون.
زليخة
ناپیژندل شوی مخ