اشتباهٌ، إلا في (١) أنَّ كلًا يأتي (٢) بثلاثةِ أقسامٍ، وهي في " سننِ أبي داودَ " راجعةٌ إلى متونِ الحديثِ، وفي مسلمٍ إلى رجالِ الحديثِ، وليسَ بينَ ضعفِ الرجلِ وصحةِ حديثهِ منافاةٌ، كما سيأتي تحريرهُ، بل قد يكونُ حديثهُ صحيحًا؛ لاعتضادهِ من طرقٍ أخرى، وهذا عملُ مسلمٍ. فأينَ هوَ ممن قسمَ الحديثَ نفسَهُ في كتابهِ إلى صحيحٍ وغيرهِ؟
الثاني: بعدَ تسليم ما قالهُ منِ اتحادِ العملينِ، هوَ ما ذكرهُ الشيخُ (٣) في " الشرحِ " من أنَّ مسلمًا التزمَ الصحةَ في كتابهِ دونَ أبي داودَ.
الثالثُ: أنَّ أبا داودَ قالَ: «وما كانَ فيهِ وهنٌ شديدٌ بيّنتهُ»، ففهمَ من تقييدهِ بشديدٍ: أنَّ ثَمَّ شيئًا فيهِ وهنٌ غيرُ شديدٍ، لم يلتزمْ بيانهُ.
الرابعُ: - وهو أرضاها - أنَّ مسلمًا إنما يروي عن الطبقةِ الثالثةِ في المتابعاتِ، ويعتني حينئذٍ بتكثيرِ الطرقِ، بحيثُ ينجبرُ ذلكَ القصورُ الذي في روايةِ ذلكَ الراوي الذي من الطبقة الثانيةِ، ومعَ ذلكَ / ٧٤ ب / فإنَّهُ يقلُّ من حديثهم جدًا، بحيثُ إنَّه ليسَ في كتابهِ لليثِ بنِ أبي سليمٍ وأنظارهِ إلاَّ نحو عشرةِ أحاديثَ.
وأما أبو داودَ فإنَّ صنيعهُ في ذلكَ مخالفٌ لصنيعهِ في الأمرينِ معًا: يسوقُ أحاديثَ نحو هؤلاءِ للاحتجاجِ، ويكثرُ منها جدًا، بحيثُ إنَّ كتابه طافحٌ بذلكَ، ووراءَ هذا كله أنَّ مسلمًا لا يذكرُ حديثًا لأهلِ هذهِ الطبقةِ (٤)، وهو يجده عندَ الطبقةِ