نبذې تاریخیه په دمشقي حرفو کې
نبذة تاريخية في الحرف الدمشقية
ژانرونه
تأليف
إلياس عبده قدسي
بسم الله الرحمن الرحيم
إن البحث الذي أقدمت اليوم على الخوض فيه أمام محفلكم الموقر، هو نبذة تأريخية علمية عن الصنائع، أو ما يقال له: «الحرف» في مدينة دمشق، والذي بعثني على ذلك هو أنني فزت بشرف معرفة العالم العلامة، والبحر الفهامة الدكتور كارلو لندبرج الأسوجي الشهير؛ إذ سافرنا معا من بيروت إلى دمشق، وكان آتيا من مملكة هولانده بقصد جمع لغة العامة في دمشق وضواحيها، ولما علمت بغيته التي من أجلها تكلف أن يكابد مشقات السفر، ويحتمل مصارفه عرضت نفسي عليه ألا يؤخر عني التعب في كل ما يحتاج إليه للوصول إلى بغيته، وعرضت عليه أيضا ما كنت آخذا به من جمع الأصول المشتركة بين اللغتين العربية واليونانية، ورجوته أن يعين لي علاوة على ذلك عملا على نسبة قدرتي، أجعله باكورة أقدمها لمحفلكم الموقر، ومقدمة لما نويت الانعكاف عليه من الأشغال والدروس في مثل التي يجد وراءها هذا الهمام.
فأشار علي أن أضع مجموعة في مناداة البياعين لترويج مبيعاتهم من الفواكه والخضراوات، ثم قال لي أن أحرر نبذة في الحرف الموجودة في دمشق؛ آملا أن أعثر فيما أحرره على بعض الكلمات والاصطلاحات التي يقصدها، فنظرت بادئ بدء إلى هذين المبحثين نظر المزدري، ولكن لدى الفحص، وجدت أن مبحث المناداة جدير بكل الالتفات؛ لأنه يدل: أولا: على أجل الخواص التي يعتقد الشعب العربي أنها موجودة في تلك الفواكه والخضروات المتنوعة. ثانيا: على المحل الأصلي الذي جلب منه صنف الفاكهة أو الخضرة المنادى عليه. ثالثا: على محل اشتهار كل قرية أو بقعة من جوار دمشق، أو من سوريا بصنف من الأصناف. رابعا: على كيفية تعبير شعب دمشق في مناداته، وهذه طريقة تختلف جدا عن التي في بيروت وفي مصر وفي حلب ... إلخ، وجميعها تدخل في مطالب التاريخ والعلم واللغة، وقد كنت باشرت بهذه المجموعة، ثم أرجأتها فموعدي بها إلى فرصة ثانية.
وأما المبحث الثاني المختص بالحرف الدمشقية فهو من أوجه عديدة أعم وأفضل من ذاك؛ ولهذا السبب باشرت به حالا، وسيأتي الكلام عنه بوجه مختصر؛ إذ إنه لا يمكن لمثلي استيفاؤه في نبذة وجيزة كهذه.
تمهيد
إن من تفحص أحوال الحرف الدمشقية ونظر إليها نظر المنتقد المدقق، يرى أنها في تأخير عظيم يوجب الأسف من جهة، وفي إتقان يوجب الدهشة من جهة أخرى؛ أما التأخير فلأن عموم الصنائع والفنون فقدت ما كانت عليه من الرونق في الأزمنة الغابرة، وهي بعيدة أن تقاس على ما هي عليه الآن صنائع أوروبا وأميريكا، بل بعض ما اشتهرت به هذه المدينة القديمة فقد مطلقا كعمل السيوف الدمشقية والقيشاني والظاهري
1 ... إلخ. وأسباب ذلك عديدة، منها سياسية، ومنها تجارية، وأعظمها تأخير العلم في هذه الديار، وتلك مسألة لا يحسن التعرض للكلام عليها في مثل هذا المقام.
وأما الإتقان الذي يوجب الدهشة؛ فهو كمال الانتظام وحسن الترتيب اللذان لم يزالا محفوظين من أزمنة قديمة إلى يومنا هذا بين عملة اليدين من كل نوع وملة. وهذا الانتظام والترتيب وإن كان حصل له من بواعث الدين ما قلب مقصده إلى غير الغاية المرادة في الأصل - كما يحدث لأكثر الجمعيات - إنما لم يطرأ عليه تغيير في جوهره. فالحرف لها رئيس أعظم وهو شيخ المشايخ، ورؤساء ثانويون وهم مشايخ الحرف، ومعلمون وصناع ومبتدئون، أو خدام في كل حرفة على حدتها. ولهم كلام ورموز تصنع بالأيدي والأرجل - ولو لم نقف على تفسير معانيها - ولهم في كل مسألة رسوم لا يحيدون عنها. ولهم ارتسام يسمونه «الشد» أو «التمليح» يجرونه للمبتدئ عند انتقاله من درجته إلى درجة صانع، وآخر عند انتقاله من درجة صانع إلى درجة معلم، ولهم اجتماعات وأسرار وقصاصات وانتخابات ومآدب. وبوجه الإجمال كأنه بهم جمعية الفعلة الأحرار
ناپیژندل شوی مخ