نص الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
رب أسألك الإعانة
الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسوله وعبده، وآله وصحبه من بعده، وبعد:
فلما طالع راقم الأحرف الفقير إلى الله الغني: الحسن بن المطهر بن محمد الجرموزي -وفقه الله بأحسن التوفيق وهداه إلى واضح الطريق- على هذه السيرة الفائقة، والنبذة اللطيفة الرائقة، الجامعة لغرر الأخبار من أخبار الغرر، وسيرة الأخيار أخيار السير، المحيين لما اندرس وعفا من سنن جدهم المصطفى، وآله الكرام الحنفاء، الذين شادوا للدين منارا، وأظهروا للحق آثارا، وعمروا من معالم الإسلام ما درس وانهار، وأسسوا للدين بيوتا تجري من تحتها الأنهار، وطلعت شموس فضلهم في مدلهمات المظالم، فأزالت تلك الحنادس، واهتدى بها من اهتدى فسلم عن موجبات الردى ولبس أفخر الملابس، وصلت سيوفهم في هامات أهل البغي وكبرت، فصغرت كل كبير منهم وعظمت كل صغير من أهل الحق وكبرت.
وصاروا لنار الحرب كالحطب الذي .... تنال فما تزداد إلا تلهبا
مخ ۲۱۵
وصالت عليهم أسد غاب فحكموا .... بأعناقهم بيض الصوارم والصبا فخرت أعناقهم لها خاضعين، وما برحت بهم ساجدة، وتلا كل منهم سورة الحشر لما ظلت الأرض به مائدة، وأمطرت عليهم السيوف عذابا وبيلا، فقال كل منهم: يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا، وجرمت أفعالهم التي ما انفكت على التمييز منصوبة في الماضي، وقطع كل موصول منهم بالماضي، والعزم المضارع للماضي، ومدت إليهم أيدي العوامل قاضب، بقاني دمائهم مخضوبة، وبادت الطير بترخيم أجسامهم المفروضة بالمسنونة فطلت في كل ناد مندوبة، وجمع كل منهم جمع التكسير وجزم السلامة، وألبسوا ثياب التصغير فباءوا بالحسرة والندامة، ولما نزل بهم ذلك الطارق في البلد، قال كل من سدة البلد هذه والرحمن القيامة، وبنى كل منهم على الكسر فلزم السكون، وعلم كل بالفتح والنصر حين ظفر المؤمنون، قرأ أهل الحق حينئذ {الم، غلبت الروم، في أدنى الأرض} ولن إن شاء الله بعد غلبهم.
مخ ۲۱۶
ترجمة مولانا الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام
هو الإمام الحجة إمام اليمن ، أبو الأئمة الأعلام: يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، ولد بالمدينة سنة خمس وأربعين ومائتين، وكان قيامه سنة ثمانين ومائتين، وله المؤلفات العديدة: من التفسير، والتوحيد، والفقه، وهي مذكورة تفصيلا في(الشافي) للإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة عليه السلام، وقد وردت فيه الأخبار عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والآثار عن جده الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام منها: ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((يخرج من هذا النهج وأشار بيده إلى اليمن رجل من أولادي اسمه يحيى الهادي يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، يحيي الله به الحق، ويميت به الباطل)) .
ومنها ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أشار بيده إلى اليمن وقال: ((سيخرج رجل من ولدي في هذه الجهة اسمه يحيى، يحيي الله به الدين)).
وروى مصنف سيرته عن بشرى رافع رفع الحديث إلى علي بن أبي طالب عليه السلام قال: (يا أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني، أيها الناس أنا أحلم الناس صغارا، وأعلمهم كبارا، أيها الناس إن الله تعالى بنا فتح، وبنا ختم، أيها الناس ما تمر فتنة إلا وأنا أعرف سائقها وناعقها -ثم ذكر فتنة بين الثمان ومائتين- فيخرج رجل من عترتي اسمه اسم نبي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا...)إلخ.
مخ ۲۱۷
وروي عن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه ما لاذا قتل أهل مصر كبيرهم وظهر، وقد بسط الكلام في سيرته وجهاده مؤلف سيرة الهادي عليه السلام محمد بن عبيد الله، والإمام عبد الله بن حمزة وغيرهما من المؤرخين، وكان وفاته عليه السلام يوم الأحد لعشر بقيت من ذي الحجة سنة ثمانية وتسعين ومائتين، ودفن يوم الإثنين قبل الزوال....في عدي المسجد بصعدة، وقبره مشهور مزور.......................يوما لاثنين................
مخ ۲۱۸
المنصور بالله القاسم بن محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
[ق/4] الحمد لله الذي خلق الخلق ليتفضل عليهم، وجعل خلقه لهم إظهارا لقدرته من غير حاجة إليهم، وألهمهم معرفته بما ركبه من العقول الفارقة فيهم، وأرسل إليهم رسله الكرام بالمعجز الذي هو الدليل عليهم، وجعل الإمامة للنبوة خلفا لبلاغ ما استحفظه لديهم، وأراهم محلها بما جمع من الفضائل في أهل بيت نبيهم، وأبان الدلالة على صاحبها بما جعل فيه من الخلال المأثورة عن أبيهم، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم.
أما بعد: فإني كنت سمعت كثيرا من أخبار مولانا وإمامنا، ووسيلتنا إلى ربنا، الإمام الأعظم، والحجة لله سبحانه على أهل عصره من ولد آدم: المنصور بالله القاسم بن محمد بن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه فأخذ النسيان أكثره، فرأيت أن أعلق في هذا المختصر ما أمكن مما بقي، وأجعله في هذه الأوراق اليسيرة توقيعا لما أمكن من الجمل، وأما الإحاطة بها فما أبعدها، والتفصيل لها أبعد من نيل النجوم وعدها؛ لطول المدة وتأخرنا عنها، ولتفرق الوقايع والقضايا، والبعوث والسرايا، في أقطار اليمن فإنه عليه السلام قام واليمن كله مجتمع للعجم، ولا مخالف لهم فيه من مكة إلى عدن، وكذا كثير من الأقاليم الخارجة عنه، ولايعلم أن ملك اليمن قد اجتمع قبل أوان قيامه عليه السلام على عادل أو جاير، كاجتماعه لهم من أيام الملقب بالرشيد إلى التأريخ المذكور، ومن تأمل السير والأخبار وجد صحة ذلك فكانت سيرته[ق5] عليه السلام كما قال الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
مخ ۲۱۹
فإن سيرت سيرتي باليقين .... كانت لعمرك خير السير
فصل: ولنذكر نسبه الشريف، ومولده، ونشأته، وحليته، وخصايصه، وعلمه، وشجاعته، وورعه، وتدبيره، وسخاه، وشفقته على الأمة، وصبره ونبذا من مواعظه، ورسايله وكراماته، ونبذا من أشعاره، ويسيرا مما امتدحه به أهل الإجادة، وتعداد عيون العلماء من أهل عصره، ودعوته وحروبه، ونهضاته، ووفاته وموضع قبره سلام الله ورضوانه على روحه الطاهرة.
مخ ۲۲۰
[نسبه]
أما نسبه الشريف: فهو الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن الرشيد بن أحمد بن الأمير الحسين بن علي بن يحيى بن محمد بن الإمام يوسف الأصغر الملقب الأشل بن الإمام الداعي إلى الله القاسم بن الإمام الداعي إلى الله يوسف بن الإمام المنصور بالله يحيى بن الإمام الناصر لدين الله أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين الحافظ بن الإمام ترجمان الدين القاسم بن إبراهيم الغمر طباطبا بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الشبه بن الحسن الرضي بن الحسن السبط بن علي أمير المؤمنين، وسيد الوصيين، وفاطمة سيدة نساء العالمين، نسب أضوأ من الضيا، وأعذب من شرب الماء على الظما.
مخ ۲۲۱
[مولده]
وأما مولده: فمما نقل من خط يده الطاهرة: وجدت بخط والدي تاريخ مولدي أنه كان في صفر لاثني عشرة ليلة خلت منه وأحسبه ذكر أنها ليلة الإثنين من سنة سبع وستين وتسعمائة، عدد التاريخ هو عدد [..........] برتقي وجواد وهب ربك.
وهذا من باب الفال، فكان كما قال، والحمد لله الكبير المتعال.
أخبرني حي الفقيه الفاضل العدل المجاهد عماد الدين يحيى بن صلاح الثلائي رحمه الله أنه أخبره من يثق به، عن والدته عليه السلام أنه أخذها الطلق فدخلت بيتا مظلما تتوارى فيه، وأنه لما وقع على الأرض سمعت قول لا إله إلا الله محمدا رسول الله، ولم أفهم من روايته هل هو القايل أو غيره، وأيهما كان فيه دلالة على تشريفه وتفضيله، وأما القاضي شمس الإسلام أحمد بن سعد الدين أبقاه الله فقال: وسمع كذلك أنها سمعت[ق/6] أذانا كاملا بألفاظه المعروفة.
مخ ۲۲۲
[نشأته]
وأما نشأته عليه السلام: فسمعت من بعض أخواله أنهم تبركوا به ونذروا له النذور، واعتقدوا فيه الخير وأنه نشأ معروفا بالطهارة وقوة القلب والبطش، وذكروا من ذلك أخبارا حسنة، وسمعت من حي الفقيه العدل عماد الدين يحيى بن صلاح الثلائي رحمه الله أنه أخبرهم أنه بلغ عمته الشريفة الطاهرة أم الغيث بنت علي رحمها الله تعالى عنه عليه السلام حدة، وأنه لا يروعه شيء مما يروع الصبيان، وأن في قراءته تسهيلا، فخافت عليه وبعثت له إلى عندها، إلى الرغيل غربي مسور، وكانت مزوجة حي السيد العالم أحمد بن الحسن الخطيب،وكان من أهل الجاه واليسار مع العلم الكثير، ووفد إلى الإمام عليه السلام بعد الدعوة، وأمره بالخطبة وجوابات الفتوى، واعترض لما كان خطيبا مع أولاد مطهر بن الإمام شرف الدين، ودولة كوكبان، وللإمام جواب على ذلك كما سمعته من القاضي العلامة صفي الدين أحمد بن سعد الدين أطال الله بقاه، وكانت هذه الشريفة من أهل الفضل والكمال، وطلبها الإمام عليه السلام في السنة التي توفى فيها من كوكبان، وكان لها أثقال ولها على أهله وأبنائه هيبة كما سمعناه في تلك الأيام، وتوفيت بعد العام الذي توفي فيه عليه السلام.
نعم فأتم قراءته عندها، وكذا أخوها حي السيد الشهيد عامر بن علي، ضمته إليها، وقرأ وهو أصغر من الإمام عليه السلام كما سمعته بعام. والله أعلم.
مخ ۲۲۳
ومما أخبرني الفقيه المذكور وكذا سمعت من غيره أنه دخل سوق بيت عذاقة المعروف بسوق بيت الصميل وهو صغير مع عمته كما تقدم فرأى من فيه صفة الدجال لعنه الله مسيح العين كامل الصفات المأثورة فيه، وأنه لم ير أحدا رآه غيره، وأنه كان يتبعه وينظر إليه وأنه استوحش منه ولم يعد السوق المذكور بعدها، ثم قرأ في صعدة وغيرها.
مخ ۲۲۴
[حليته]
وأما حليته عليه السلام: فكان ربعة معتدل القامة قوي البطش إذا مشى فكان لما تحته من الأرض حسا إلى السمن أقرب، أسمر اللون، واسع الجبهة، عظيم العينين والشفتين، واسع الفم، أشم الأنف في أسفلها دق مع الشمم يعلوها قعرة تزينه كثيرا، طويل اللحية عظيمها، فيها غصنان يصلان سرته عند القيام وتملأ صدره عند القعود، عبل الذراعين، أشعرهما دجداح البطن.
مخ ۲۲۵
[خصائصه وعلمه]
[ق/7] وأما خصايصه عليه السلام: فكان أشبه أهل زمانه بصفات جده صلى الله عليه وآله وسلم إذا ذكر الله هو أو غيره يرى عليه أثر الخوف، وتأخذه رعدة، وسيأتي كثير من صفاته وكراماته وأخباره بالمغيبات ثقة بوعد الله ولأمارات عرفها مما عوده الله سبحانه حصولها، كما سيأتي في ذكر جمل سيرته.
مخ ۲۲۶
[علمه]
وأما علمه: فمما لا يفتقر إلى بيان، ولا إمعان لطلب البرهان، فإنما هو أعلم الأمة وهاديها، ومعلن الشريعة الغراء وحاميها، ومن نظر في طرقه ورواياته، ومصنفاته، وجواباته، ورسايله، علم صحة ذلك كما تعلم الضروريات.
مخ ۲۲۷
[شجاعته]
وأما شجاعته ورباطة جأشه عند طوفان الطغيان، وسورة الضراب والطعان، فمما عرفه القريب والسحيق، والعدو والصديق، فكم له من يوم أشجى عداه، وبدد أعداه، ونشر على الإسلام من جورهم رداه، وترى طرفا من ذكر أمهات من ذلك في جمل سيرته، وأما الأكثر أو الإحاطة فما أبعده.
مخ ۲۲۸
[ورعه]
وأما ورعه: فمما يضرب به المثل ولا يقدر عليه فيما يعلم غيره.
وأما تدبيره النافع: فمما لا يحتاج أن يفرد له باب؛ لظهوره فاكتفينا بما تراه في بعض سيرته بما أمكن من التفصيل.
مخ ۲۲۹
[سخاؤه]
وأما سخاؤه: فمما يضرب به المثل أيضا ولا يختلف فيه أحد من أهل العقد والحل، بل ولا أهل السهل والجبل، وسيأتي في سيرته ما يشير إلى بعض ذلك، وإلا فظهوره يغني من أراد معرفته.
روي أن السيد العلامة محمد بن عبد الله الحوثي المقيم في صنعاء مع العجم، وكان من عيون العلماء فاسترسل في مخالطتهم حتى كان لهم لسانا ومعوانا، وله معهم في ذلك أخبار طويلة لا أحب ذكرها، والله ولي العفو عن المقصرين في حقوق الأئمة الهادين، أنه لما سأله كبراء العجم في صنعاء عن الإمام عليه السلام وقد وصل إليه إلى شهارة كما أخبرني مولانا أمير المؤمنين المؤيد بالله سلام الله على روحه الطاهرة أنه وصل إلى الإمام في الصلح الكبير الذي عقده مع جعفر باشا، وأنهم طلبوا منه يعني من السيد محمد أن يكتب لهم أخبارهم وسيرتهم في اليمن وحروبهم، ويرسلون بها إلى ملكهم في الروم، فقال: لا يتمكن إلا بأن يكون في حوث ليقرب من أخبار اليمن والشام، ويختلط به من يعرفه القضايا، ففعلوا له بذلك دارا قل مثلها في حوث في أيام الصلح، وقد رأيتها، وجعلوا في أعلاها السقايا[ق/8] للماء، فخالط الإمام عليه السلام مع ذلك على أنه يتحقق الأخبار، وكذا مما لا يتهمونه، فكان من جوابه عليهم أن هذا الرجل يعني الإمام عليه السلام أعجز من صفته.
مخ ۲۳۰
أما سخاؤه: فكأنه لا يعقل ولا يعرف ما فعل، فلقد يعطي الرجل ما عنده كله، ثم يستدين له ما وجد ولو عاد عليه أو كمال قال، وهذا يسير من بعض صفاته، وإلا فإن سخاه مما لا يفتقر إلى بيان، ولا يختلف فيه اثنان، وسيأتي إن شاء الله تعالى في جمل السيرة ما أمكن من ذلك.
مخ ۲۳۱
[شفقته]
وأما شفقته على الأمة وحرصه على هدايتها فسيأتي إن شاء الله تعالى أنه لم يقف على بدعة إلا ردها، ولا منكر إلا أزاله منذ قدر وبلغ، مما أخبرنا مولانا الإمام المؤيد بالله عليه السلام في مجلس الإملاء أنه كان الإمام عليه السلام إذا سمع بالقبائل وقد أرادوا الوليمة فر بأولاده قبل ذلك بأيام، وأنه في بعضها احتملهم وسار لمسيره جماعة فمضى بهم واديا في بلاد حجور سماه، فسمع مع حرس الزراعة شيئا من الزمر، فسد أذنه وأمر جميع من معه بسد آذانهم فسمعهم أهل جانب الوادي فاسترابوا منهم، وتصايحوا عليهم خوفا أن يكونوا خصوما لهم يريدون غزوهم، وأن الإمام عليه السلام وأصحابه لم يعرفوهم بنفوسهم لما كانت آذانهم مسدودة، وذكر قضية معهم كذلك.
وأخبرنا السيد العلامة الفاضل عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الشرفي رحمه الله بمثل ذلك كثيرا وهو معهم وسيأتي ما أمكن من ذلك.
وأما صبره عليه السلام على الشدايد، وتحمله ما يوهي الأوابد، فترى في ذكر سيرته ودعوته عليه السلام الإشارة إليها من دون استقصاء على جملها فضلا عن تفصيلها.
وأما النبذ من كتبه ومواعظه: فمنها (قوله عليه السلام) من كتاب له بعد حذف طرته: إلى من اتبع الهدى، وأناب إليه، سلام عليكم فإنا نحمد الله إليكم، أما بعد:
مخ ۲۳۲
فإن الله أوجب عليكم طاعة أئمة أهل البيت عليه السلام، وحرم عليكم مخالفتهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: ((من سمع واعيتنا أهل البيت فلم يجبها كبه الله على منخريه يوم القيامة)) وأنا من ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أدعوكم إلى الله، وفي شرايط الإمامة فأنا الحجة عليكم عند الله يوم القيامة[ق/9]، فعليكم بالامتثال لأمر الله من قبل:{أن (تقول) نفس ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين، أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين، أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين، بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين}، ولا تقولوا أنكم معذورون لقهر عدوكم لأن الله يقول في محكم كتابه: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا}، ولا تقولوا شغلتنا أموالنا وأهلونا لأن الله سبحانه يقول: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين} ولا تقولوا إنا نخشى الفاقة والضياع إذا هاجرنا لأن الله يقول: {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا}، فمن صدق الشيطان في عدته وكذب الله فهو كافر، ومن كذب الشيطان في عدته وصدق الله فهو مؤمن، وقال تعالى: {ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة} وأقسم بالله لئن لم تطيعوني في اتباع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليكونن الأمر كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب دعاؤهم)) فلا تحسبوا أن الدنيا معقودة على هذه الفرقة الطاغية فإن الله قد فرق شملهم وسلبهم محاسن ملكهم، والله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، فلا تغتروا بكذبهم أو إرعادهم وإبراقهم فإن الكذب دأبهم، والفجور مذهبهم، ينكحون الذكور، ويشربون الخمور، ويقولون الزور، ويسفكون الدماء، وينقضون العهود، ولو جللوكم هذه الأيام فبسعادة نكايتنا لهم، إذ لو كان الجو لهم صافيا لقتلوا محاسنكم واستحلوا حرمكم، وسلبوكم سلاحكم، ولا يتركون إلا من كان ضعيفا لا يخافونه، يجعلونه جعيلا ويزرع لهم، ويتكسب عليهم، ويأتيهم بمحاسن رزقه، ويأخذون منكم شبه الجزية، ويدخلونكم في كل خزية حتى لايكون لكم في السماء عاذر، ولا في الأرض ناصر، والملائكة مع ذلك يلعنونكم، وربكم ساخط[ق/10] عليكم، ويكون مأواكم مع ذلك جهنم وساءت مصيرا؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((ينادي مناد يوم القيامة أين الظلمة وأعوان الظلمة أين من لاق لهم دواة أو برى لهم قلما، أوكثر لهم سوادا ويجعلون في تابوت من نار)).
وروى الإمام الهادي عليه السلام عن محمد الباقر عليه السلام يرفعه: ((يؤتى بأعوان الظلمة ويجعل لهم أظافير من حديد يحكون بهاصدورهم حتى تبدو أفئدتهم فتحترق فيقولون: ربنا ألم نكن نعبدك؟ فيقول: بلى ولكنكم كنتم أعوانا للظالمين)) يا أيها الناس ما تقولون لنبيكم صلى الله عليه وآله وسلم حين تردون عليه الحوض فيسألكم عن الأئمة الهادين من ذريته لأن في الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((سيرد علي يوم القيامة ثلاث رايات أحدها سوداء مظلمة أشد سوادا من الليل المظلم وتحتها خلق كثير وهم ينادون: واعطشاه، واعطشاه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فأقول من أنتم؟ قال: فينسون ذكري، قال: فأقول أنا محمد، قال فيقولون نحن من أمة محمد، قال: فأقول فما خلفتموني في كتاب ربي وعترتي لم تنصروهم، ولم تجاهدوا معهم، قال: فأولي وجهي عنهم فيصدرون عطاشا إلى النار)).
مخ ۲۳۵
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( ثم ترد علي راية أخرى أشد سوادا من الأولى وتحتها خلق كثير وهم ينادون: واعطشاه واعطشاه، قال: فأقول من أنتم؟ فينسون ذكري ويقولون: نحن من أهل العدل والتوحيد، قال: فأقول أنا محمد، فيقولون: نحن من أمة محمد، قال: فأقول فما خلفتموني في كتاب الله وعترتي أهل بيتي ؟ قال: فيقولون: أما كتاب ربك فضيعنا، وأما عترتك فقتلنا، ومزقنا كل ممزق يعنون أنهم أحربوا عترة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، قال: فأولي وجهي عنهم ويصدرون عطاشا إلى النار، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثم ترد علي راية أخرى ولها نور يضيئ ما بين المغرب والمشرق وتحتها خلق قليل، قال: فأقول من أنتم؟ قال: فلا ينسون ذكري ويقولون: نحن من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، قال: فأقول فما خلفتم في كتاب ربي وعترتي أهل بيتي؟ قال: فيقولون: أما كتاب ربك فحفظنا، وأما عترتك فنصرنا وواسينا بأنفسنا وأموالنا، قال: فأقول صدقتم فيشربون شربة لا يظمأون بعدها ويصدرون رواء إلى الجنة)) ولا نقول أن معهم جماعة من فسقة آل محمد لأن الله يقول[ق/11]: {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون}، ويقول تعالى: {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار} اللهم من سمعنا دعوتنا العادلة غير الجائرة فلم يجبها فاشهد عليه وأبسله وخذه بذنبه ونجني ومن معي من المؤمنين، وصلى الله على محمد وآله وسلم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
مخ ۲۳۶