خرج بالجيش وعسكر في الجرف يوم الخميس أي بعد ثلاثة أيام من أمر النبي ﷺ بالتهيؤ للقتال. (١)
وبهذا تبطل دعوى الرافضي في تثاقل الصحابة عن الخروج بل إن هذا يدل على سرعة امتثالهم ﵃ لأمر رسول الله ﷺ وذلك بتجهيزهم جيشًا كهذا قيل: إن قوامه ثلاثة آلاف مقاتل (٢) بكل ما يحتاج إليه من مؤونة وعتاد في خلال ثلاثة أيام على ماهم فيه من فاقة
وفقر وحاجة فرضي الله عنهم جميعًا، وجزاهم على جهادهم، وحسن بلائهم في الإسلام، خير ما جازى به المحسنين.
وأما زعمه: أنه كان في جيش أسامه أبو بكر وعمر، بتعيين رسول الله ﷺ لهما ثم تثاقلا عن الخروج معه.
فجوابه: أنه لم يثبت أن الرسول ﷺ أمر أبا بكر وعمر أن يلتحقا بجيش أسامة، بل ولا أمر غيرهما بذلك، إذ لم يكن من عادته إذا أراد أن يجهز سرية أو غزوة أن يعين من يخرج فيها باسمائهم، وإنما كان يندب أصحابه لذلك ندبًا عامًا، ثم إذا اجتمع عنده من يقوم بهم الغرض عين لهم أميرًا منهم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: «إن النبي ﷺ لم تكن من عادته في سراياه، بل ولا في مغازيه، أن يعين كل من يخرج معه في الغزو بأسمائهم ولكن يندب الناس ندبًا عامًا مطلقًا، فتارة يعلمون منه أنه لم يأمر كل أحد بالخروج معه ولكن ندبهم إلى ذلك، كما في غزوة الغابة، وتارة يأمر الناس بصفة كما أمر في غزوة بدر أن يخرج من حضر ظهره فلم يخرج معه كثير من المسلمين، وكما أمر في غزوة السويق بعد (أحد) أن لا يخرج معه إلا من شهد أحدًا، وتارة يستنفرهم نفيرًا عامًا، ولايأذن لأحد في التخلف كما في غزوة تبوك ...
(١) انظر: المصدر السابق.
(٢) انظر: كتاب المغازي للواقدي ٣/١١٢٢، وفتح الباري لابن حجر ... ٨/١٥٢.