وأي دليل أدل للربيع رحمه الله من حديث عبدالله بن زيد، وأنه رأي النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ لأذنيه خلاف الماء الذي أخذه لرأسه (2)، ومن حديث ميمونة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل وجهه بيده اليمنى، وتارة يغسله بيديه معا، وكان يأخذ لأذنيه في أكثر أحواله ماء جديدا، وغير فضل ماء الرأس (3).
__________
(1) ينظر: شرح الجامع الصحيح، للسالمي، 1/ 152.
(2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الطهارة، باب مسح الأذنين بماء جديد، 1/ 107، ح (308)، وأخرجه النيسابوري في المستدرك على الصحيحين، 1/ 252، كتاب الطهارة، ح (538).
(3) لم أقف على تخريجه، برواية ميمونة.
وأي دليل أدل له من قول ابن عباس: ليستا من الوجه، ولا من الرأس ... إلخ، وابن عباس هو أحد الأبحر التي يستقي منها الربيع وغيره، فالمرفوع عنه هذه الأحاديث وأمثالها مما يوافقها من قوله وفعله عليه السلام، هو المرفوع عنه ذلك الحديث، وإذا احتمل أن يكون نصا ظاهرا، فالأخبار الثانية نصوص ظاهرة، وانظر إلى ما هو الوجه لجعل ابن عمر إياهما من الوجه يغسلهما معه ظاهرا وباطنا، وما هو الوجه لابن عباس في جعلهما جارحتين مستقلتين، وما هو الوجه لابن مسعود في استحبابه تجديد الماء لهما، مع أن فيهما نصا ظاهرابأنهما من الرأس، سلمنا أنه نص ظاهر، لكن لا نسلم أن أقوال العلماء الثلاثة: ابن عباس وابن مسعود وابن عمر خارجة عن مذهبين.
الأول: قول كل واحد منهم سنة عنه عليه السلام، فتكون ثلاث سنن رابعتهن سنة الحديث، والمجموع أربع سنن في مسح الأذن، كلها جائزة، يتم وضوء الأذنين بأيهن كان.
والثاني: لا سنة مع كل من الثلاثة في مسحهما، وإنما التجؤوا إلى تأويل النص بالقياس، كصنيع الربيع، وهذا غير محتمل في حق الثلاثة وهم هم، فلا يقول به المص رحمه الله ولا غيره فصح أن مع كل واحد سنة، وكله جائز، فاختار الربيع ومن وافقه الفعل المخرج من الخلاف.
مخ ۸۱