إني أشح بدمعي أن يسح على *** أرض وما هي لي يا برق أوطان هبك استطرت فؤادي فاستطر رمقي *** إلى معاهد لي فيهن أشجان
تلك المعاهد ما عهدي بها انتقلت *** وهن وسط ضميري الآن سكان
نأيت عنها بحكم لا أفارقه *** بلى كما افترقت روح وجثمان
إلى أن قال:-
لها على القلب ميثاق يبوء به *** إن باء بالحب في الأوطان إيمان
ويقول في قصيدته الميمية:-
معاهد تذكاري سقتك الغمائم*** ملثا متى يقلع تلته سواجم
تعاهدك الآناء سح بعاقه*** فسوحك خضر والوهاد خضارم
ويقول فيها:-
تزاحم في روعي لها شوق واله *** وصبر وآن الصبر أن لا يزاحم
إذا لاح برق سابقته مدامعي *** وليت انطفاء البرق للعزب عاصم
خذا عللاني عن أحاديث جيرتي *** فإني بحب القوم ولهان هائم
ولا تسلما عقلي إلى هيمانه *** فذكرهم عندي رقى وتماثم
نزحت وفي نفسي شجون نوازع ***إليهم ونازعت الأسى وهو قائم
وفي قصيدته اللامية يقول:-
تفضل بالزيارة في عمان *** تجد أفعال أحرار الرجال
تجد ما شئت من مجد وفضل *** وأحساب عزيزات المثال
تجد ما قدمته من المنايا ***خيول الله في حزب الضلال
تجد من هيبة الإسلام شأنا ***عليه الكفر مبيض القذال
تجد همم الرجال مضممات *** بثأر الذين ترخص كل غال
صفاته وأخلاقه:-
إن تلك المنزلة التي تبوأها أبو مسلم - رحمه الله - لجديرة بأن يكون صاحبها متصفا بالصفات الحميدة، والأخلاق النبيلة، فإنه لا يبلغ شأو هذه المرتبة إلا أولئك الذين اصطفاهم الله من عبده العلماء ليكونوا لغيرهم قدوة، وأسوة في كل ما يأتون، وما يذرون.
وأبو مسلم اتصف بدمثة الخلق، ولين الجانب، وبشاشة الوجه، فكان أديبا ظريفا، في أدبه الفكاهة والدعابة، بشوشا في وجوه إخوانه وأصحابه، يفرح لفرحهم، ويترح لترحهم.
كما اتصف بالعفة في شعره، فلم يخرج عن روح العالم الفقيه، والقاضي النزيه، والمسلم الغيور، والمتعبد الزاهد، والمغترب الحنون.
مخ ۶