وصرح ابن بركة في (الشرح) بأن المرفقين داخلان في الغسل بالإجماع (1)، ويالله العجب من ادعائه الإجماع، مع أن الخلاف حتى في المذهب! وعبارته في جامعه بنصها في (الإيضاح)، وقد نقلناها هنا، إلا أن (الإيضاح) اقتصر في النقل دون ما ذكره ابن بركة من الإجماع والحال أن لا إجماع، ونص عبارته في الجامع: وأيضا فإن غسل المرفقين مع اليدين واجب بإجماع الأمة، وهو أقوى حجة عند النظر (2) ا ه.
وينبغي إدارة الخاتم ليصل الماء إلى ما أحاط به، وتخليل الأصابع، للحديث، وهو غير واجب إجماعا، مع أن مواضع التخليل يجب إيصال الماء إليها وضوءا وغسلا، وفيه دليل الإجزاء لمن وصل الماء إلى بعض مواضع وضوئه أو غسله، ولو بدون إمرار اليد مع الماء عليها إذا أمرها على الأغلب من جوارح الوضوء، أو الأغلب من البدن في الغسل في قول من يلزم بإمرار اليد في الطهارة، ولو وقع قطع يد من مرفقها وجب غسل
موضع القطع لصيرورته من ظاهر الجارحة، كما لو كشط الجلد أو اندملت (3) جراحة وبقي الأثر غائرا.
أما صفة الغسل: فالبداية باليمنى، بأن يبدأ بظاهرها من الكف إلى المرفق، ثم بباطنها من باطن الكف إلى المرفق، ثم يجمع الظاهر والباطن بالغسل، ثم يعكس في اليسرى، بأن يبدأ بباطن الكف صاعدا إلى المرفق، فالظاهر كذلك، ثم يجمعهما كذلك، وإنما ابتدىء بباطن اليسرى لأنه أيمنها والسنة التيامن، ولو بدأ بيده الشمال غير قاصد للسنة خلافا أجزأه.
__________
(1) قاموس الشريعة، 16/ 42.
(2) الجامع، لابن بركة، 1/ 245.
(3) الاندمال: التماثل من المرض والجرح، وقد دمله الدواء فاندمل. (ينظر: لسان العرب، 5/ 301).
قال القطب رحمه الله: ولا بد من التخليل بين الأصابع، وإلا لم يجزىء، وهو أن يجعل بطن اليسرى على ظهر اليمنى، ويدخل الأصابع بين الأصابع، وبطن اليمنى على ظهر اليسرى كذلك، ويدخل الأصابع بين الأصابع، ولا يشبك ويجزىء عن التخليل إيصال الماء بين الأصابع، مع عرك بعض ببعض، أو عرك بشيء، وقيل: إن التخليل لا يجب إجماعا، ولعل المراد أنه يجزىء عرك الأصابع بعض ببعض، أو المراد بالتخليل الواجب في الحديث إيصال الماء خلال الأصابع، ولو بلا إدخال أصابع أو نحوها (1) ا ه كلامه.
مخ ۵۹