وفي كتاب (الشرح) (1) وحد الوجه المأمور بغسله هو ما يواجه صاحبه، فحده من أعلى منتهى تقبض وجهه عند الإشكال من رأس الأقرع، أو من ارتفع شعره عن وجهه، وأما من شعره في أماكنه فغسل وجهه إلى شعر رأسه، وحده من أسفله إلى ذقنه، ثم يعم بالماء ما خرج من شعر لحيته إلى أذنه، وإنما انتهينا بذكر الغسل إلى الأذنين للاختلاف بين الفقهاء في منتهى الوجه إليهما أو دونهما، فقال بعضهم: الوجه إلى الأذنين، وقال بعضهم: مقدمهما من الوجه، وقال بعضهم: يغسلان مع الوجه، وقال بعضهم: المنشأ ليس من الوجه، وهو ما بين صفحة الأذن وصفحة الوجه، وقال بعضهم: الوجه إلى العظم الناتىء دون الأذن، وهذا يوجد لمحمد بن محبوب في حد الوجه عند الإقتصاص، وقد قام الدليل أن الأذنين ليستا من الوجه، لما رأينا من إجماعهم على ترك الأمر لمن ترك غسلهما عند غسل الوجه، فدل على أنهما ليستا من الوجه، ووجب استيعاب ما دخل في الاختلاف بغير دليل.
الحجة على أن حد الوجه المفترض غسله من أول منابت شعر الرأس إلى أصل الأذن قوله تعالى {قد نرى تقلب وجهك في السماء} (2)
__________
(2) البقرة /144.
(2) ينظر: بيان الشرع، 8/ 97، 98.
(3) ينظر: الجامع لابن بركة، 1/ 262.
(4) كتاب الإشراف، للإمام أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، (ت: 319ه)، وقد سمي الكتاب باسماء عدة منها: "الإشراف على مذاهب أهل العلم"، و"الإشراف في إختلاف العلماء"، "والإشراف في الإختلاف"، وهذا الكتاب كتاب في الفقه المقارن إذ يذكر ابن المنذر أراء العلماء في المسألة الواحدة من مختلف المذاهب، وقد فقد الكثير من هذا الكتاب، وقد أعملت وسعي في سبيل الحصول على هذا الكتاب ولم أجده ولعله يكون مفقودا، وقد سألت أحد المتخصصين وقال لي: إن الكتاب موجود فقط بداية من باب الصلاة إلى نهاية باب المعاملات، والباقي مفقود حتى الآن، وقد تعقب على الكتاب من علمائنا الإمام أبي سعيد الكدمي فيما يسمى "بزيادات أبي سعيد على كتاب الإشراف"، فقد تعقبه أبو سعيد في كل مسألة ذكرها، فصحح وضعف وقرب وبعد. (ينظر: قراءات في فكر أبي سعيد الكدمي، عبارة عن ندوة شارك فيها جمع من المفكرين، ص133، ط1، 1422ه/2001م، سير أعلام النبلاء، 14/ 490، وما بعدها، الأعلام للزركلي، 6/ 184).
مخ ۵۱