وقرية "محرم" هي موطن أبائه وأجداده وعشيرته، ويبعد وادي محرم الذي أضيف إلى هذه القرية عن العاصمة مسقط حوالي (150 كيلو مترا)، ويشتمل وادي محرم على العديد من القرى أكبرها محرم وهي القرية التي فتح فيها الإمام أبو مسلم عينه على هذا الوجود، حيث قضى مرحلة طفولته في أكنافها، وقد كانت يومئذ تعج بالعلماء، والأدباء، والشعراء، والشبيبة الصالحة، ولقد كانت عناية الإمام أبو مسلم - رحمه الله - بطلب العلم منذ صغره، حيث درس علومه الأولى على يد والده سالم بن عديم، فحفظ كتاب الله - عز وجل - وتدبر معانيه مما كان له الأثر الواضح في بناء شخصيته علما، وأدبا، وسلوكا، واستمع إلى ما قاله في قصيدته النونية المشهورة:
وخذ بكتاب الله حسبك إنه *** دليل مبين للطريق خفير
فما ضل من كان القرآن دليله *** وما خاب من سير القران يسير
تمسك به في حالة السخط والرضا*** وطهر به الآفات فهو طهور
وحارب به الشيطان والنفس تنتصر*** فكافيك منه عاصم ونصير
ثم انتقل بعد ذلك إلى بلدة (السيح) بوادي محرم، فلازم الشيخ محمد بن سليم الرواحي، فنهل من علومه الفياضة، ونبعه الصافي، فدرس العلوم الشرعية واللغوية ثم انتقل فيما بعد إلى قرية (البلة) من أعمال ولاية (بركا) بالباطنة الشريط الساحلي من عمان، وكان زميله في الدراسة الشيخ العالم الورع أحمد بن سعيد بن خلفان الخليلي - رضي الله عنه - الذي أشار إليه بقوله في قصيدته النونية:-
أرتاح فيها إلى خل فيبهرني *** صدق وقصد ومعروف وإحسان
فحال حكم النوى بيني وبينهم*** هنا تيقنت أن الدهر خوان
وكانا صديقين متلازمين حتى شاء الله أن يغادر الإمام أبو مسلم إلى شرق إفريقيا زنجبار في سبيل طلب العلم وطلب الرزق (1).
________________________________
(1) انظر للمؤلف: مقدمة العقيدة الوهبية - ص6، مقدمة الديوان- تحقيق: علي النجدي ناصف (1400ه - 1980) - ص25.
رحلته إلى زنجبار (1):
شاءت عناية الله أن ينتقل الشيخ أبو مسلم إلى زنجبار، حيث كان سفره إليها سنة (1295ه) في العقد الثاني من عمره في زمن السلطان برغش بن سعيد بن سلطان، سلطان زنجبار، حيث كان والده سالم بن عديم البهلاني قاضيا للسلطان المذكور في زنجبار بعد انتهاء دولة الإمام عزان بن قيس في عمان.
مخ ۴