لقد أوضح المؤلف - رحمه الله تعالى - في مقدمته على النثار البواعث التي دعته إلى نثر " جوهر النظام " للإمام الرباني نور الدين السالمي - رحمه الله تعالى - حيث قال بعد ذكره للإمام السالمي وثنائه عليه وعلى كتابه الجوهر: " بيد إن النظم على غزارة جدواه مظنة الإجمال، ليس في كل موطن جميلا، فلو طار الناظم بأجنحة البلاغة لإدراك التفصيل في محله لم يستطعه وصولا، ولم يجد لإتقان التحقيق سبيلا، وربما اختصر المعنى، واقتطع جانبا من مقصوده، واقتنع بالتلميح، مع أن ضالته المنشودة الظهور والجلاء والتصريح، ويلتزم التعويض في موضع الفاقة إلى التسهيل والبيان، ويكتفي بالإشارة حيث يلزمه العيان، وإنما يلجئه إلى هذا ضيق نطاق الميزان، وإعطاء الشعر حقه من بديع المعاني وسحر البيان، هذا مع ارتهانه بالتفتيش عن خبايا زوايا الأصول، استنباطا للأدلة، واستيفاء واجب الكلام في الوجه والسبب والعلة، لما يقتضيه معرض الاحتجاج من التوضيح والبرهنة والحجاج، والجري في مضمار الاستدلال ن إلى الغاية المنهية الجدال، وتحقيق فصل الخطاب بين السنة والبدعة، وإجلاء الأشباه والنظائر لتتميم تركيب الأقيسة، وغير هذا مما يفتقر إليه محرر الفقه من صرف العناية إلى وضع الحقائق مواضعها، وناهيك بالشرع المقدس وطول مباحثه، سيما الاجتهادات لاستدعائها البحث، والفكر، وتسليط النظر، واستنباط الأعدل للحكم والفتوى والعمل به، فأين ضيق عطن الميزان الشعري من الإفصاح عن هذه الأبحر العميقة؟ لا جرم لهذا الداعي العظيم، حداني إلى نثر جوهر النظام من لا تسعني مخافته في مقام، ومن حقه علي لحقوق الناس إمام ... " (1). ا. ه.
ويمكن تلخيص هذه البواعث على ما يأتي:-
تفصيل المجمل وذلك للتسهيل والبيان والفهم.
إعطاء الشعر حقه من بديع المعاني وسحر البيان.
التفتيش عن خبايا زوايا الأصول استنباطا للأدلة.
استيفاء واجب الكلام في الوجه والسبب والعلة، لما يقتضيه معرض الاحتجاج من التوضيح والبرهنة والحجاج.
تحقيق فصل الخطاب بين السنة والبدعة، وإجلاء الأشباه والنظائر.
صرف العناية إلى وضع الحقائق في مواضعها.
فلأجل هذا الداعي، شمر الإمام أبو مسلم عن ساعد الجد في تفصيل ما أجمله الجوهر، وبذل كل ما في وسعه في نثر أبياته وتحقيق مسائله.
قيمة الكتاب ومكانته العلمية:
كتاب نثار الجوهر هو شرح لكتاب " جوهر النظام " للإمام السالمي، وقد جاء هذا النثر موسوعة فقهية كبرى، وآية عجيبة عظمى، تدل على الدرجة العلمية الرفيعة التي وصل إليها العلامة أبو مسلم رحمه الله تعالى.
مخ ۱۱