ولكن المرء إذا زاد علمه عرف وجوها كثيرة من النفع، ووجوها كثيرة من الضرر، فإذا كان العلم غير صحيح لم تتهذب النفوس، فلا تكون المعاملة بالحسنى وقد يكون الضرر أكثر من النفع؛ فالجهل البسيط خير من الجهل المركب.
ورأيت في المقالة (2) أنه لا يجوز أن تلبس نساؤنا كلباس الراهبات المسيحيات؛ لأنه - وإن أباحه الدين بضرب من التأويل - يضيع تاريخ نسائنا ويذهب مميزاتهن، وذلك يمنعه الدين بضرب من التأويل، وإذا دار الأمر بين الإباحة والمنع فدرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة والاحتياط في الأمور أولى، فينبغي أن تبقى النساء على لباسهن لباس الجو والعشيرة، ويقتصدن فيه اقتصادا لائقا، وإذا زادت نفقته فالزيادة يسيرة ومثلها يمكن تحمله بلا ضرر.
ورأيت أن خروج نسائنا سافرات مضر عند عدم التهذيب، ومبدأ ضرر عند كمال التهذيب.
ورأيت أن خلاف أئمة الدين في مسألة السفور لا يكون إلا عند أمن الفتنة حالا ومآلا، فإن خيفت الفتنة فلا خلاف في أن الواجب عدم السفور.
يزعم الناس أن علم أوروبا كامل ولست أزعم ذلك؛ لأنه لم يمنع الفساد المترتب على السفور والمخالطة فهو في الحقيقة علم ناقص.
ورأيت في المقالة (3) أن المتعلمين من أهل مصر أكفاء للمتعلمات من أهلها؛ لأن الدرجات متقاربة ولا يضر التفاوت اليسير، والكلام في كفاءة التربية.
ورأيت أن اقتباس الأدب من دار الخلافة ضروري، فيلزم أن يجاء بطائفة من المعلمات للتربية، كما جيء بمعلمين ومعلمات من جهات أوروبا الأخرى، لنأخذ من كل جهة ما نحن في حاجة إليه، وإذا أمكن إرسال طائفة من النشء إلى هناك فلا بأس، ولكن على شريطة أن يكون معها من يقوم بأمرها ويراقب أخلاقها التي تريدها، وذلك لا يذهب بنا إلى عقدة النسب فإني لا أجيز النسب من عنصرين مختلفين يؤخذ على أحدهما شيء إلا عند الحاجة الشديدة؛ فإن العرق دساس.
ورأيت في المقالة (4) أنه يجوز لبعض المتعلمين أن ينأى عن ناقصة العلم والتربية إلا إذا استطاع أن يقوم من أودها بحكمته، وإن كامل التهذيب يستطيع ذلك، فإذا قصر فهو نصف رجل، ومن أراد سعادة قومه وكان ذا عزيمة أمكنه أن يختار جاهلة لا يصعب تعليمها فيتزوجها ثم ينشئها بالتعليم خلقا جديدا، فالمدرسة تعلم من ناحية، والرجال في بيوتهم يعلمون من نواح أخرى ما تمس إليه الحاجة، فتكثر المتعلمات في وقت قريب وإن كان بعضهن أكمل تربية من بعض.
ورأيت في المقالة (6) أنه ينبغي أن يتراءى الرجل والمرأة قبل الزواج في حضرة بعض المحارم، فترى المرأة من الرجل هيكله العادي، ويرى الرجل منها مثل ذلك ووجهها وكفيها ويحادثها وتحادثه حتى ينجلي الأمر فإن ذلك نموذجهما، وكثيرا ما يكون النموذج صادق المخبر، وإذا جاز للرجل أن يرى وجهها وكفيها بلا داع عند بعض أئمة المسلمين فالأولى أن يرى ذلك عند خطبة الزواج مع الاحترام؛ هذه سنة إسلامية معقولة، وفي العمل بها إنقاذ الأمة من وهدة الشقاء؛ فإن الطلاق قد ينشأ عن قبح الذات كما ينشأ عن قبح الخلق.
وهناك صنف من الناس تدور عصم نسائهم على ألسنتهم، فيحلفون بالطلاق كثيرا، ويعلقون الطلاق على أمور منها اليسير والخطير، وربما لم يكن لها ارتباط بالمرأة البتة، وكم من نساء ذهبن في سبيل هذه البدعة وأصبحن مطلقات بلا ذنب وبلا علم، وأمسين مسهدات يندبن حظهن، وهن يزعمن فيما يزعمن أن الشريعة تبيح ذلك الطلاق، فيكتمن ما في أنفسهن ويتكلفن الصبر فيما بعد، حاشا لله أن يأذن في ذلك؛ فما كان الله ليبعث بخلقه ويتركهم يجهلون ولا يقفون عند حد محدود.
ناپیژندل شوی مخ