369

أن ينتقل الجانب الآخر أو لا ، فإن انتقل خلا الجانب الآخر عنه ، فانقطع فيها ، فكان متناهيا في تلك الجهة ، وقد فرضناه غير متناه فيها ، هذا خلف. وإن لم ينتقل ولم يخل (1)، لم تكن تلك حركة ، بل ازدياد في الجهة التي تناهى فيها.

ولأن تلك الحركة ليست طبيعية ، لأن الطبيعي هو الذي يطلب أينا طبيعيا وحدا معينا ، وكل حد فهو محدود ، والمحدود لا ينتقل إليه ما لا حد له ، ولا تكون قسرية ، لأن القسر على خلاف الطبع ، وحيث لا طبع فلا قسر.

وفيه نظر ، لأنا نمنع أن الطبيعة فيما لا يتناهى تطلب حدا متناهيا.

ولأن تناهيه من بعض الجوانب ، إن كان طبيعيا وجب تناهيه من الجميع ، لتساوي فعل الطبيعة الواحدة في جميع الجهات ، وإن كان بالقسر ، فإن أفاد القاسر ذلك الحد بأن قطعه لم يكن ذلك الانتهاء إلى فضاء ، بل إلى مقطوع من جنسه ، فلا يكون هناك مكان يتحرك إليه ، وإن أفاده حدودا من غير أن يقطع منه شيئا بواسطة التكاثف الحقيقي ، فيكون من شأن ذلك الجسم أن يكون متناهيا بذلك القاسر ، وغير متناه بمقتضى طبعه ، وهو محال. وهذا غير دال على المطلوب ، بل على امتناع وجود جسم هذا شأنه.

واعلم أنه كما امتنعت الحركة على الجسم الذي لا يتناهى ، كذا تمتنع الحركة الطبيعية على أجزائه ، لأنه إن كان غير متناه من جميع الجهات لم يكن المكان المتروك مخالفا للمكان المطلوب بالطبع ، فلا تعقل فيه حركة طبيعية ، وإن كان غير متناه من بعض الجهات بحيث يتحرك ذلك الجزء في الخارج عن ذلك الحد ، فتكون حركة ذلك الجزء إلى مكان مطلوب له طبعا ، وهو الذي يطلبه الكل ، لمساواته إياه في الطبيعة ، لكن الكل لا يطلب مكانا بالطبع، إذ لا محيط له حتى يطلبه ، وليس مطلوبه الخلاء لاستحالته ، فإذن ليس للكل حيز مطلوب ، فلا يكون

مخ ۳۷۶