والصفة ما لا يعقل إلا مع غيره ، والعرض ما لا يوجد إلا في غيره. وقيام بعض الصفات ببعض لا يوجب قيام بعض الأعراض ببعض ، واللونية جنس للسوادية ، وهو جزء من مفهوم السواد ، لأن السواد لون يقبض البصر ، واللون أحق بأن يكون موصوفا ، وكونه قابضا للبصر أحق بأن يكون صفة. والجنس لا يكون عرضا قائما بالنوع ، ولا الجزء بالكل. وكون العرض حالا في محله إضافة لا وجود لها إلا في العقل ، ولا يتسلسل ، بل يقف عند وقوف العقل عن الاعتبار ، وكون الحلول نقيضا للاحلول لا يقتضي وجود الحلول.
وفيه نظر ؛ فإن كل واحد من المضافين لا يعقل إلا مع صاحبه ، ولا يصح وصفه به ، والصفات القائم بعضها ببعض لا يصح أن تكون جواهر ، فإن الجوهر لا يعقل أن يكون صفة لغيره فيجب أن تكون أعراضا ويلزم المطلوب.
** الثالث :
اتصاف الجسم بذلك الآخر ، فيعلم أنه حال في الأول ، فإن كل عرض يحل في محل فإنه يفيد صفة لمحله ، كالبطء ، فإنه أمر وجودي زائد على الحركة ووصف لها (1)، ويمتنع اتصاف الجسم به ، فإنه لا يعقل أن يكون الجسم بطيئا في جسميته ، فإذن البطء ليس وصفا إلا للحركة. وكذا الأعراض ، كل عرض منها موصوف بالوحدة ، وهي عرض. والاستقامة والانحناء عرضان حالان في الخط. والنقطة عرض قائم بالخط لا بالجسم ، إلا بواسطة.
واعلم : أن المتكلمين لما نفوا الجواهر المجردة ، وامتنع كون الله تعالى محلا لشيء من الأعراض ، لا جرم صح لهم تفسير حلول العرض بما ذكروه ، لكن أهملوا جواز توسط عرض بين الجوهر القائم بذاته وبين الحال في المتوسط ، كما في السرعة والبطء مع توسط الحركة بينهما وبين الجسم.
مخ ۲۹۴