** البحث الرابع : في أن العرض هل يصح أن يقوم بعرض آخر أم لا؟
اختلف الناس في ذلك فذهب جمهور المتكلمين إلى امتناعه ، وأكثر الفلاسفة إلى جوازه ، وهو قول معمر (1) من المتكلمين.
احتج المانعون : بأن معنى حلول الشيء في غيره ، حصوله في الحيز الذي حصل فيه تبعا لحصول محله فيه ، وليس على سبيل الاستقلال ، فإذا لم يكن للمحل استقلال بالحصول في الحيز ، بل كان تابعا لغيره ، ساوى الحال فيه في الحلول في ذلك الحيز على سبيل التبعية ، فلم يكن كون أحدهما حالا والآخر محلا أولى من العكس ، ولم يكن جعل أحد الحصولين تبعا للآخر أولى من العكس. فإما أن يكون كل واحدا منهما قائما بالآخر وهو محال ، أو لا يقوم واحد منهما بالآخر وهو المطلوب ، فيكونان معا تابعين لثالث ، فيكونان معا حالين في ذلك الثالث ، فذلك الثالث إن كان عرضا عاد البحث فيه ، وإن كان جوهرا فهو المطلوب ، فلا بد من الانتهاء إلى محل جوهري يكون محلا للجميع (2).
والجواب : ليس معنى الحلول ما ذكرتم ، فإن الوجود زائد على الماهية ، ولا يصح تفسير الحلول فيه بما ذكرتم. وللواجب نعوت يوصف بها ، ولا يصح تفسير ما ذكرتم من الحلول فيه. وتوصف جميع الماهيات بصفات سلبية وإضافية ، ولا يمكن تفسير الحلول فيها بما ذكرتم ، ويلزم أن لا يكون ذات الله تعالى مؤثرة ، فإن المؤثرية حاصلة بالنسبة إلى العالم ، ولا يمكن وصفه تعالى بالعالم. وللجواهر
مخ ۲۹۲