وفيه نظر ؛ فإن التعلق الثابت بين العلم والمعلوم أمر اعتباري لا تحقق له في الخارج ، فلا بعد في زوال التعلق الأول وتجدد تعلق آخر بعده ، كما في جميع الصفات الإضافية المحضة. والقدرة والعلم باقيان أزلا وأبدا ، والزائل هو التعلق بينهما وبين المقدور والمعلوم ، كما أن الواحد منا يقدر على تحريك جسم صغير ، فإذا عدم ذلك الجسم ، لم تعدم قدرتنا على تحريك مثله ، بل عدم تعلق قدرتنا بذلك الجسم المعدوم لا غير ، لأن التعلق إضافة بين قدرتنا وبين ذلك المعدوم ، وإذا عدم أحد المضافين عدمت الإضافة.
** البحث الثالث : في أن القديم واحد (1)
اختلف الناس هنا فذهبت الإمامية إلى أن القديم هو الله تعالى لا غير ، وأن ما عداه محدث ، للبراهين الآتية الدالة على أن العالم وهو كل ما سوى الله تعالى محدث ، ولأنه ممكن وكل ممكن محدث.
وذهبت الأشاعرة إلى إثبات قدماء ثمانية مع ذات الله تعالى ، هي المعروفة عندهم بالمعاني ، وسيأتي البحث فيها إن شاء الله تعالى.
قيل (2): إنهم لا يطلقون اسم القدماء على المعاني التي يثبتونها لله تعالى في الأزل ، لأن القدماء عندهم عبارة عن أشياء متغايرة ، والتغاير إنما يثبت عندهم بين الذوات لا بين الصفات أنفسها ، ولا بين الصفات والذوات.
وفيه نظر ، لأنهم صرحوا بثبوتها في الأزل ، ولا يجب في القديم أن يكون ذاتا ، بل كل ثابت في الأزل فإنه قديم. ثم إن النزاع في ذلك لفظي ، لأنهم يعطون معنى القديم.
مخ ۲۳۸