د نيهایت ايجاز په سيرت کې د حجاز اوسېدونکی
نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز
خپرندوی
دار الذخائر
شمېره چاپونه
الأولى
د چاپ کال
١٤١٩ هـ
د خپرونکي ځای
القاهرة
قد عظم علي المسلمين، حتي كادوا يهلكون، لمّا رأوا ما رأوا من الصلح والرجوع من غير فتح، وقد كان أصحاب رسول الله ﷺ لما خرجوا من المدينة لا يشكّون في فتح مكة للرؤيا التي راها النبي ﷺ، وهذه الشروط الصعبة التي انضم إليها أمره ﷺ لعليّ رضى الله تعالى عنه في كتب الصحيفة أن يمحو لفظ رسول الله، ولم يمحه، ومحاه النبى ﷺ وكتب بدله «ابن عبد الله» بيده، فكان هذا من الخطب الجسيم الذى يوقع الريب في القلوب الضعيفة، حتى لمن لا يفهم الأسرار في الأزمان الحديثة، والحال أنها واردة وثابتة بالأحاديث الصحيحة، فما يقع في الوهم من أن هذه الكتابة قادحة في المعجزة باطل؛ لأن الكتابة إذا وقعت من غير معرفة بأوضاع الحروف ولا قوانين الخط وأشكالها بقيت الأمية علي ما كانت عليه، وكانت هذه الكتابة الخاصة من إحدى المعجزات وتمامها، كما كان من المعجزات في كتابة شروط الصلح إخباره ﷺ عليّا أنه سيكون لك يوم مثل هذه الواقعة، وهو إشارة منه ﷺ لما سيقع بين علي ومعاوية رضى الله عنهما؛ فإنهما في حرب صفّين وقعت بينهما المصالحة علي ترك القتال إلى رأس الحول، وصحّ ذلك وظهر يوم التحكيم لما قال حكم أهل الشأم حين كتب في الصلح: «هذا ما صالح عليه أمير المؤمنين علي بن أبى طالب»: «لو عرفنا أنك أمير المؤمنين ما خالفناك، كما سيأتى مبينا في خلافته.
وأما ما ورد من أنه رضى الله تعالى عنه في عام الحديبية، وفي غزوة بني المصطلق قاتل الجن، وأن جبريل قال يوم غزوة أحد وهو صاعد إلي السماء: «لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي» فهذا من الموضوع- كما ذكره ابن تيمية «١» - يعني أنه موضوع لم يرد من طريق يعتدّ به، وإن كان المدح في عليّ لا يستكثر عليه وذلك للإجماع علي شجاعته وكرامته، والمراد بالفتي: الشجاع السيد، وفي الحديث: أن ملكا يقال له رضوان نادي يوم بدر من السماء: «لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار» وقال النبي ﷺ: أنا الفتى ابن الفتي، أخو الفتي، ابن الفتى ﷺ يعنى إبراهيم، وأخو الفتى يريد عليا كرّم الله وجهه» انتهى.
(١) ذو الفقار هو سيف رسول الله ﷺ، وابن تيمية ليس من رجال الحديث، حتي يحكم، وقد خرّجه له المحب الطبرى في «الرياض النضرة»، وللحديث ترجمة طويلة في «المقاصد الحسنة» للسخاوى.
1 / 315