171

د نيهایت ايجاز په سيرت کې د حجاز اوسېدونکی

نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز

خپرندوی

دار الذخائر

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٩ هـ

د خپرونکي ځای

القاهرة

ژانرونه

سيرت
تاريخ
وأصحابه، وفشت تلك الكلمة في الناس، وأظهرها الشيطان حتّى بلغت أرض الحبشة ومن بها من المسلمين، ثم بعد مكثهم هناك دون ثلاثة أشهر رجع كثير منهم عند ما بلغهم عن المشركين بسجودهم مع رسول الله ﷺ عند قراءته سورة «والنجم»، وظنوا إسلامهم. ولما بلغ رسول الله ﷺ تلك الكلمة التى فشت في الناس ساءه ذلك؛ فأنزل الله ﷿: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أى قرأ أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ [الحج: ٥٢] (أى قراءته) كما قال الفراء. ويؤيده ما رواه ابن جرير: «وإلقاء الشيطان فيها أن يتكلم بذلك رافعا صوته، بحيث يظن السامعون أنه من قراءة النبى ﷺ» . وعلّقه البخارى في صحيحه عن ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله تعالى: إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ [الحج: ٥٢] قال: إذا حدّث ألقى الشيطان في حديثه «١» فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ [الحج: ٥٢] وَاللَّهُ عَلِيمٌ بإلقاء الشيطان ما ذكر، حَكِيمٌ فى تمكينه منه، يفعل ما يشاء» . ويؤيد ذلك ما سبق في الفصل الأوّل من هذا الباب من أن كفار قريش لما كانوا يطوفون بالكعبة كانوا يقولون: «واللات والعزّى ومناة الثالثة الاخري، فإنهن غرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجي»، فكانت هذه العبارة مركوزة في أذهانهم، هاجسة في خواطرهم، يخيّل لهم سماعها، وأن الشيطان نطق بها عند انقطاع نفس النبى ﷺ في التلاوة، فحاكى بها صوته. واللّات والعزّى ومناة: أصنام من حجارة كانت في جوف الكعبة يعبدونها، وقيل غير ذلك. والغرانيق هى في الأصل: الذكور من طير الماء الأبيض الطويل العنق، وقيل أسود كالكركي، وقيل: إنه الكركي، ويتجوّز به عن الشاب الناعم، والمراد بها الأصنام، حيث كانوا يزعمون أن الأصنام تقرّبهم من الله وتشفع لم، فشبّهت بالطيور التى تعلو في السماء وترتفع. والفرق بين الصنم والوثن أن الصنم الصورة بلا جثة، والوثن كل ما له جثة

(١) نص ما قاله البخارى كاملا: «وقال ابن عباس: فِي أُمْنِيَّتِهِ إذا حدث ألقى الشيطان في حديثه، فيبطل الله ما يلقى الشيطان، ويحكم آياته» . اه.

1 / 114