د اقدام پایان په کلام علم کې
نهاية الإقدام في علم الكلام
ژانرونه
ومما يدل على ذلك دلالة واضحة أن الكلام عند الخصم عبارة عن حروف منظومة وأصوات مقطعة ومن المعلوم الذي لا مراء فيه أن الصوت أعم من الكلام فإن كل كلام عنده صوت وليس كل صوت كلاما ثم الصوت إذا قام به سمي المحل مصوتا ولا يرجع حكم الصوت إلى فاعل الصوت حتى يقال الباري تعالى إذا خلق أصواتا في محل هو مصوت والكلام الذي هو أخص كيف يرجع حكمه إليه حتى يقال هو متكلم بكلام يخلقه في محل بل يرجع حكم الصوت من حيث هو معنى من المعاني إلى المحل ويرجع حكم الفعل من حيث هو فعل من الأفعال إلى الفاعل كذلك الكلام الذي هو أخص منه فيا عجبا بأن صار أخص صار حكمه أعم أو ليست الحركة إذا قامت بمحل سمي بها متحركا سواء كانت الحركة ضرورية أو اختيارية ثم إذا خصصت الحركة بأن كانت أصواتا تسمع أو حروفا تفهم أو كلمات تعقل انقطع حكمها عن المحال وعاد ما يجب اختصاصه بالمحل إلى الفاعل الذي لا ينسب إليه إلا الأعم فعرف من هذه الوجوه أن اختصاص الكلام بالمحل الذي قام به لم يبطل ومن الدليل على ذلك أن من سمع كلاما من الغير علم على القطع والبتات أنه المتكلم به ولا يقف معرفة ذلك على معرفة كونه فاعلا بل ربما لا يخطر بباله كونه فاعلا أصلا وعن هذا انتسب إليه القول فيقال قال ويقول وهو قائل وبخطاب الأمر والنهي يخاطب قل ولا تقل ويفرق الفارق ضرورة فرقا معقولا بين قولهم قل وبين قولهم افعل فإن مساق قولهم قل هو بعينه مساق قولهم تحرك واسكن وقم واقعد وإن كان المعنى في الموضعين مخلوقا متكسبا بالوجهين كما عرفت ثم رجع أخص وصف الحركة إلى المحل الذي قامت به الحركة كذلك القول ينبغي أن يرجع أخص وصفه إلى المحل الذي قام به وهذا قاطع لا جواب عنه ونحرر هذا المعنى.
ونقول العرضية أعم من الكونية والكونية أعم من الحركية والحركة أعم من الصوت والصوت أعم من الحروف والحروف أعم من الكلام ثم يجب وصف المحل بكونه موصوفا يعرض وذلك العرض بعينه كون والكون بعينه حركة والحركة بعينها صوت والصوت حرف والحرف كلام فيجب أن يوصف المحل بكونه ذا كلام ومتكلما كما وجب وصفه بكونه ذا حركة ومتحركا ومن جعل المعنيين معنى واحدا وسمى النسبتين نسبة واحدة كان عن المعقول خارجا.
ومما يتمسك به في دفع قولهم المتكلم من فعل الكلام أن الله تعالى لو خلق في المبرسم وبعض الممرورين أن قال بلسانه قمت وقعدت لم يخل الحال من أحد أمرين إما أن يقال يكون المتكلم بهذه الحروف المنظومة والأصوات المقطعة هو خالقها وفاعلها فيلزم أن يكون الباري قائلا قمت وقعدت وإما أن يقال المتكلم بهذه الكلمات هو صاحب البرسام دون غيره فقد بطل قولهم أن المتكلم ليس من قام به الكلام بل من فعل الكلام دون غيره.
ثم إنا نلزمهم عليه عجائب أخر نشرحها ها هنا فإنه قد وقع الاتفاق على أن المعجزات من فعل الله تعالى غير مكتسبة لجنس الحيوان والبشر ثم من المعجزات ما هو نطق وقول يخلقه الله في جماد أو حيوان مثل تكليم الشاة المسمومة لا تأكل مني فإني مسمومة ومثل تسبيح الحصى في يد الرسول عليه السلام وشهادته برسالته ومثل مكالمته الضب ومثل منطق الطير وتأويب الجبال " يا جبال أوبي معه والطير " إلى غير ذلك مما قد استفاضت الأخبار الصحيحة بها فكل ذلك فعل الله تعالى فالمتكلم عندهم من فعل الكلام فيجب أن يكون الباري تعالى متكلما بها إذ كان فاعلا لها وهو محال ثم إن النجارية وافقت الأشعرية على أن الباري خالق أعمال العباد فيلزمهم أن يقولوا هو قائل بقولهم متكلم بكلامهم إذ كان فاعلا لها.
ومما نلزمهم أن القادر على الحقيقة من يكون قادرا على الضدين والكلام معنى له أضداد فإذا قالوا المتكلم من فعل الكلام يلزمهم أن يقولوا الساكت من فعل السكوت حتى لو خلق سكوتا في محل كان ساكتا ولو خلق أمرا في محل كان آمرا ولو خلق خبرا في محل كان مخبرا ثم من الأوامر ما يكون خيرا ومنه ما يكون شرا ومن الأخبار ما يكون صدقا ومنه ما يكون كذبا فيلزمهم إضافة الكل إلى الله تعالى وهو محال وأما ما أورده على قدم الكلام واتحاده فنفرد لهذين الإشكالين مسئلتين ونتكلم عليهما بما فيه مقنع إن شاء الله تعالى لكنا نعارضهم ها هنا بما التزموه مذهبا.
مخ ۹۸