فإن قلتم كان بعينه جوهرا فيجب أن تحقق الإشارة إليه بهذا ويكون ذلك المشار إليه هو هذا لأن هذا لا يشاركه فيه غير هذا وإن كان قبل وجوده جوهرا مطلقا لا هذا فلم يكن ذلك هذا فلم يكن هذا شيئا والمطلق من حيث هو مطلق لا هذا ولم يكن هذا ذاك ولا ذاك هذا فما هو ثابت في العدم لم يتحقق له وجود وما تحقق له وجود لم يكن ثابتا.
وما ذكروه أن الصفات الذاتية لا تنسب إلى الفاعل بل الذي ينسب إلى الفاعل هو الوجود قيل ما ثبت للشيء الغير المعين من الصفات التي هو بها قد تعين غير وما ثبت للشيء المعين من الصفات التي هو بها وقد تفنن وتنوع غير والأول لا يسمى صفات ذاتية إلا بمعنى أنها عبارات عن ذاته المعينة فيكون وجوده وجوهريته وعينه وذاته عبارات عن معبر واحد وكما يحتاج في وجوده إلى الموجد يحتاج في ذاته وعينه وجوهريته وجواز الوجود هو بعينه جواز الثبوت وهو بعينه في أن يكون عينا وبجوهريته في أن يكون جوهرا لا يستغني عن الموجد وإلا فيلزم أن تستغني الأشياء كلها عن الموجد من جميع وجوهها وصفاتها إلا الوجود فحسب علي أنه حال لا يوصف بالوجود وأيضا فإن الوجود ليس يفتقر إلى الموجد وإلا فيلزم وجود القديم بل وجود مخصص هو بصفة الإمكان يفتقر إلى الموجد ثم الموجد الممكن من حيث هو عام لا يتحقق له وجود بل وجود ممكن هو بصفة كذا أو كذا ويتحقق له وجود فيثبت أن المعين المشار إليه هو المفتقر إلى الموجد لكن لا يتحقق له وجود إلا ويريده الموجد وليس يريده الموجد إلا ويعلمه قبل إيجاده فيتخصص وجوده وجودا عرضا جوهرا في علم الموجد فالمعلوم يتخصص مرادا والمراد يتخصص وجودا هو بعينه جوهر إلا أنه في ذاته يكون شيئا فيخصصه الوجود بعد الشيء حتى تتخصص الشيئية الخارجة جوهرا وتتخصص الجوهرية العامة الخارجة بهذا الجوهر وأيضا فإن الوجود أعم صفات الموجودات وإيجاد الأعم لا يوجب وجود الأخص فلو كان البياض مثلا منتسبا إلى الموجد من حيث وجوده فقط لكان يكون موجودا لا بياضا بل لو عكس الأمر وقلب الحال فقبل أوجده سوادا أو بياضا وانتسبت البياضية إلى الموجد فقط ولكن من ضرورة وجود الأخص وجود الأعم كان أمثل من حيث العقل ولذلك نقول إن البياض يضاد السواد ببياضيته فإذا انتفى السوادية انتفى الوجود إذ ليس من قضية العقل انتفاء السوادية وبقاء الوجود وعند القوم أن المعدوم عادم لوجوده كما أن الموجود واجد لوجوده فيلزم على ذلك أن لا يوجد بياض ولا يعدم سواد ولا يتحقق جوهر ولا يتخصص عرض.
مخ ۵۴