216

نهایه په فتنو او ملاحمو کې

النهاية في الفتن والملاحم

ایډیټر

محمد أحمد عبد العزيز

خپرندوی

دار الجيل

د ایډیشن شمېره

١٤٠٨ هـ

د چاپ کال

١٩٨٨ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

شِدَّةِ الْجُوعِ بِسَبَبِ الْقَحْطِ الَّذِي دَعَا عَلَيْهِمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فكان أحدهم يرى كأن فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ دُخَانًا مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ غَرِيبٌ جِدًّا وَلَمْ يُنْقَلْ مِثْلُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ غَيْرِهِ.
وَقَدْ حَاوَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ رَدَّ ذَلِكَ وَمُعَارَضَتَهُ بما ثبت في حديث أبي شريحة حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ:
"لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تروا عشر آيات فذكر فيهن الدجال والدخان والدابة"، وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ ستًا" فذكر فيهن هذه الثلاث، وَالْحَدِيثَانِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مَرْفُوعَانِ، وَالْمَرْفُوعُ مُقَدَّمٌ عَلَى كُلِّ مَوْقُوفٍ.
وَفِي ظَاهِرِ الْقُرْآنِ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ دُخَانٍ مِنَ السَّمَاءِ يَغْشَى النَّاسَ، وَهَذَا أَمْرٌ مُحَقَّقٌ عَامٌّ وَلَيْسَ كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ خَيَالٌ فِي أعين قريش من شدة الجوع قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخَانٍ مُبِين﴾ .
أي واضح جلي وليس خَيَالًا مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ.
﴿رَبَّنا اكْشِفْ عَنَّا العَذابَ إِنَّا مُؤمِنُون﴾ .
أَيْ يُنَادِي أَهْلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ رَبَّهُمْ بِهَذَا الدُّعَاءِ، يَسْأَلُونَ كَشْفَ هَذِهِ الشِّدَّةِ عَنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ قد آمنوا وارتقبوا ما وعدوا مِنَ الْأُمُورِ الْغَيْبِيَّةِ الْكَائِنَةِ بَعْدَ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَيْثُ يُمْكِنُ رَفْعُهُ، وَيُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُ التَّوْبَةِ والإِنابة، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ وَمَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِي كِنْدَةَ قَالَ: يَجِيءُ دُخَانٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَأْخُذُ بِأَسْمَاعِ الْمُنَافِقِينَ وَأَبْصَارِهِمْ وَيَأْخُذُ الْمُؤْمِنَ

1 / 224