دعوت حقیقت: د هایډجر لخوا د حقیقت په اړه درې متون سره
نداء الحقيقة: مع ثلاثة نصوص عن الحقيقة لهيدجر
ژانرونه
ونستطيع - بعد هذه الرحلة المضنية! - أن نقول إن التصميم نفسه هو حقيقة الموجود-الإنساني ولب أصالته، ولا نريد أن نكرر ما ذكرناه عن الانفتاح على العالم بما فيه من موجودات وأشياء حاضرة أمامنا أو في متناول أيدينا ، فأهم من ذلك أن نقول إن النداء الذي يحثنا على الخلاص من التشتت والضياع وسط «الناس» يمكن أن يفهم الآن على أنه تصميم، هذا التصميم أو هذا الوجود الذاتي الأصيل للموجود-الإنساني لا ينتزعه من عالمه ولا يحيله إلى أنا منعزلة «خالصة» لا وجود لها في الواقع، وإنما يحرره لعالمه ولا مكان وجوده ووجود الآخرين المشتركين معه وجودا حقيقيا.
ربما يسأل القارئ: لقد أطلت الكلام عن التصميم، فما الذي يصمم عليه الموجود-الإنساني؟
التصميم بحسب ماهيته ينبع من موجود إنساني واقعي، وماهية هذا الوجود الإنساني هو وجوده المتواجد، فتصميمه «لا يوجد إلا كقرار متفهم يشرع نفسه على ممكناته».
90
نعود فنسأل: ما الذي يصمم عليه الموجود-الإنساني؟
والجواب يقدمه قراره وحده، ونخطئ لو تصورنا أنه مجرد محاولة لبلوغ الممكنات المتاحة أو المرغوب فيها، فالقرار هو الذي يحدد هذه الممكنات وينفتح عليها من خلال المشروع، ولهذا كان التصميم مرتبطا «بعدم التحدد» الذي يميز كل إمكان فعلي للموجود الإنساني؛ ولهذا أيضا لا يؤكد التصميم إلا القرار، ولا يتحدد طابعه الوجودي إلا من خلاله.
ما الهدف إذا من التصميم؟
يحدد هذا الهدف من الناحية الأنطولوجية «وجودية» الموجود الإنساني من حيث هو إمكان وجود على هيئة رعاية مهتمة بالآخرين، ونحن نعلم أن الموجود- الإنساني، بوصفه هما، يتحدد عن طريق وجوده الفعلي وسقوطه، وكلما انفتح على وجوده الفعلي «هناك» ألقى نفسه في الحقيقة واللاحقيقة على السواء، ويصدق هذا بوجه خاص على التصميم الذي وصفناه بأن هو الحقيقة الأصلية.
ولكن الموجود-الإنساني - كما ذكرنا مرارا - يحيا عادة في حال من عدم التصميم وليس هذا إلا تعبيرا عن ظاهرة استسلامه لرأي «الناس» وأسلوب حياتهم ووقوعه تحت رحمتهم، ولهذا كان التصميم هو النداء المنبعث من أعماق الموجود-الإنساني ومن فوقه وإليه، يهتف به أن ينتشل نفسه من الضياع في الناس (وتلك هي مشكلة المشكلات في بلادنا؛ إذ يجد الناس متعتهم الوحيدة في التدخل في أخص أمور حياتنا، واستخلاص مادة لا تنتهي للغو والثرثرة، ولهذا كان الفضول والتطفل وباءنا وغذاءنا اليومي، وكان الصمت والكتمان أعدى أعدائنا!) صحيح أن «عدم التصميم» يبقى هو الطابع الغالب المسيطر علينا جميعا، ولكنه لن يقدر على محاربة الوجود الذي قرر وصمم على غزو حقيقته بنفسه! إنه الآن قادر على الرؤية الشفافة النافذة، مهيأ لاكتشاف إمكاناته الواقعية وتحقيقها، بعيدا عن اجترار الأحلام والأوهام، والتصميم هو الذي يدعوه - بصوت الضمير الصامت الرهيب! - إلى أن يعيش موقفه المحدد له، ويقدم الشهادة على إمكان وجوده الحق، وليس التصميم في النهاية إلا «الأصالة التي يهتم بها الهم ويجعلها ممكنة»،
91
ناپیژندل شوی مخ