وَلَا يكون التكوين إِلَّا عَن ميل يُسمى فِي الطبيعة انحرافا أَو تعفينا أَو فِي حق الْحق إِرَادَة وَهِي ميل إِلَى المُرَاد الْخَاص دون غَيره والإعتدال يُوزن بالسواء فِي الْجَمِيع وَهَذَا لَيْسَ بواقع فَلهَذَا منعنَا من حكم الإعتدال
أَقُول إِطْلَاق الْميل على إِرَادَة الْحق وَنفي الإعتدال عَنهُ سُبْحَانَهُ غير جَائِز وَلَا يتم أَن تَرْجِيح الْفَاعِل الْمُخْتَار أحد الجائزين يُسمى انحرافا فِي حق الطبيعة وَلَا ميلًا فِي حق الْحق وَلَا أَن الإعتدال يُوزن بالسواء وَإِنَّمَا ذَلِك إِذا لم يكن مُقْتَضى مَا قد علمه الْحَكِيم الْخَبِير
فالتكوين من الْعَلِيم الْحَكِيم بِجِهَة التَّخْصِيص كَيفَ يُسمى ميلًا إِنَّمَا الْميل الْعَمَل على خلاف مُقْتَضى الْحِكْمَة فَإِذا تَأَمَّلت كَلَام هَذَا الشَّخْص وجدت أَكْثَره مغالطات مموهة بمناسبات تغر ناظرها وَلَا حَقِيقَة لَهَا عِنْد التَّأَمُّل وَالتَّحْقِيق وَمن هَذَا الْقَبِيل مَا قَالَ وَقد ورد فِي الْعلم الإلهي النَّبَوِيّ إتصاف الْحق بِالرِّضَا وَالْغَضَب وبالصفات
وَالرِّضَا مزيل للغضب وَالْغَضَب مزيل للرضا عَن المرضي عَنهُ والإعتدال أَن يتساوى الرِّضَا وَالْغَضَب فَمَا غضب الغاضب على من غضب عَلَيْهِ وَهُوَ عَنهُ رَاض فقد اتّصف بِأحد الْحكمَيْنِ فِي حَقه وَهُوَ ميل وَمَا رَضِي الراضي عَمَّن رَضِي عَنهُ وَهُوَ غاضب عَلَيْهِ فقد اتّصف بِأحد الْحكمَيْنِ فِي حَقه وَهُوَ ميل