د معرفت نظریه او د انسان طبیعي حالت
نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان
ژانرونه
ونستطيع أن نقول: إن لحجة الأحلام «أوجها» يؤدي كل منها إلى الآخر، وهذه الأوجه قد تتمثل كلها أو بعضها في تفكير الفيلسوف الواحد، ولكن التميز بينها يفيد في استخلاص نواحي النقد الممكنة التي يمكن أن توجه إليها، وهذه الأوجه - في نظرنا - هي: (1)
التشكيك - ولو مؤقتا - في حقيقة العالم المسمى، في النظرة المعتادة، باسم العالم الموضوعي. (2)
نقد الإدراك الحسي. (3)
تأكيد مثالية العالم. •••
وأوضح حالة تتمثل فيها المرحلة الأولى لحجة الأحلام هي حالة ديكارت، ومن المعروف أن ديكارت قد اتخذ موقف الشك التام وسيلة للوصول إلى نقطة ارتكاز ثابتة يبدأ منها التفلسف على أساس لا يتزعزع، وهنا كان دور حجة الأحلام في الشك الديكارتي أساسيا.
وينبغي في بداية مناقشة أي حجة متعلقة بالشك الديكارتي أن نوضح مسألة على جانب كبير من الأهمية؛ ذلك لأن من الممكن الاعتراض بأن مرحلة الشك عند ديكارت كانت بأسرها مرحلة افتراضية، ممهدة لمرحلة أخرى من اليقين، وأن ما يتقدم به ديكارت من الحجج في هذه المرحلة لا ينبغي أن ينظر إليه حسب قيمته الظاهرة، وإنما على أنه فرض مبالغ فيه، ولا هدف منه إلا هدم جميع المعتقدات المتلقاة لكي يبدأ بداية جديدة تماما، على أن هذا الاعتراض يجب استبعاده؛ إذ لا بد أن ديكارت قد وجد أساسا للحجج التي عرضها في مرحلة الشك، وإلا لما عرضها أصلا، ويجب أن نتوقع منه تقديم حساب عن هذه الحجج؛ إذ لا بد أنه وجد فيها نوعا من الصحة بحيث أدت بالفعل إلى تبرير شكوكه في العالم.
ولقد كانت حجة الأحلام ممتازة بوصفها وسيلة تبرر الشك؛ إذ إن من أقوى الأسباب التي يرجع إليها الاعتقاد «الساذج» بأن إدراكاتنا تسببها «أشياء» موجودة بالفعل في عالم واقعي حدوث هذه الإدراكات رغما عن إرادتنا، وهذه اللاإرادية في فئة معينة من الإدراكات سلاح قوي جدا في يد الواقعي؛ إذ إنه يستطيع دائما أن يحرج المثالي غير الدقيق بقوله: إذا كان العالم ذاتيا كما تقول، فما هو الفارق بين تمثلي لأفكاري الخاصة وتمثلي للموضوعات الخارجية؟ ولماذا أستطيع أن أنتج الأولى بإرادتي بينما الثانية تفرض نفسها فرضا علي، ولا تحدث إلا إذا توافرت شروط معينة لا أستطيع التحكم فيها بنفسي؟ لا بد أن للأولى مصدرا ذا طبيعة مغايرة تماما لمصدر الثانية، وهنا يكون أفضل رد للمثالي هو أن يشير إلى ظاهرة الأحلام التي هي بدورها لا إرادية، ولكن لا يستطيع أحد أن يقول: إن محتوياتها مطابقة لموضوعات فعلية في العالم الخارجي، وهذا بالفعل ما يلجأ إليه ديكارت في «التأمل الثالث»، ففي ظاهرة الأحلام مثال واضح لإدراكات يتعلق الكثير منها بموضوعات خارجية، وتحدث رغما عن إرادة الإنسان، ومع ذلك فمصدرها ليس الأشياء الخارجية.
وهنا تقوى حجة الشك إلى أبعد حد: فإن كانت لدي هذه الفئة من الإدراكات، فما الذي يضمن ألا يكون كل إدراك أسميه حسيا من هذا النوع ذاته؟ هذا هو السؤال الذي لا يفتأ ديكارت يردده كلما كان بصدد التعبير عن شكه المنهجي،
1
وصيغة السؤال في هذه المرحلة لا تتجاوز الطابع السلبي، أي إن الحجة لا تقطع هنا بأي شيء ، بل إن كل ما تؤكده هو أن العالم الخارجي - من الوجهة المنطقية الخاصة - قد يكون خداعا، مما يمهد السبيل للارتكاز على حقيقة أولى لا ترجع حجتها إلا إلى البداهة الذاتية المباشرة، التي لا تتصل بأي موضوع خارجي.
ناپیژندل شوی مخ