فقد تبين أن البضع لا يملكه بمجرده إلا زوج ولا يملكه الزوج كما يملك الأموال ومنافعها بل لا يملك إلا الانتفاع بعينه دون بدله وأن يكون هو المباشر للانتفاع به دون نائبه.
فعلم أن الأبضاع ليست كأحكامها أحكام الأموال ومنافعها.
ألا ترى أن أم الولد وإن كان سيدها لا يملك أن ينقل الملك في رقبتها على القول المشهور للناس فله عند أكثرهم أن يعاوض على بضعها ونفعها ومن لم يجوز ذلك كمالك يجوز أن يستنيب من يستوفي نفعها له فيستخدمها في منفعة الزوج بخلاف البضع فإنه لا نيابه فيه.
وإذا كان هذا مستحيلا في الرجل أن يملك بضع امرأة على هذه الوجوه الممنوعة فكيف يمكن أن تملك امرأة بضع امرأة إما انتهاء وإما ابتداء ثم تملكه وليها أم كيف تكون شريكة للرجل في ملك بضعه؟
فهذا مع استحالته في الشرع فالمتناكحان نكاح الشغار لم يقصدا ذلك لا الرجلان ولا المرأتان فلم يقصد واحد من الزوجين أن تكون زوجته مملوكة البضع للأخرى ولا أن يشاركه في امرأته شريك ولا أنها تخرج عن ملكه للأخرى أو تمكلها المرأة ثم يملكها هو ولا واحدة من المرأتين قصدت أن تملك بضع الأخرى بل تراضوا على أن يكون العوض عن بضعها أن وليها يملك بضع الأخرى وكان نفس ملك وليها لبضع الأخرى هو الذي رضيته عوضا وإن لم يعد إليها من ذلك شيء أصلا فهو نكاح بلا مهر لها أصلا كما لو زوجها وليها بمن أحسن إليه بلا مهر ليكافئه على إحسانه وجعل هذا صداقها مع أن ذلك الإحسان يمكن أن يؤخذ عنه عوض وأما ملك وليها بضع الأخرى فلا عوض له.
فإن قيل فهلا كان لكل منهما مهر مثل الأخرى لأنه لما تعذر ملكها البضع أخذت عوضه كما لو أصدقها ما تعذر تسليمه فإنها تنتقل إلى بدله؟
مخ ۱۸۷