[اشتراط أحمد أن يكون المبتاع مليئا بماله وقوله وبدنه]
فاشترط التراضي وهو الرضى من الجانبين.
وقال في الصداق {4: 4 فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا}.
ففي التبرعات علق الحكم بطيب النفس وفي المعاوضات علق الحكم بالتراضي لأن كلا من المتعاوضين يطلب ما عند الآخر ويرضى به بخلاف المتبرع فإنه لم يبذل له شيء يرضى به ولكن قد تسمح نفسه بالبذل وهو طيب النفس وفي الحديث «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه».
والتراضي والطيب يعتبران ممن له العقد وهو المالك أو وليه أو وكيله فالمكره بحق على البيع كالذي يكره ذو السلطان على بيع ماله في وفاء دينه ونفقة نفسه ولي الأمر هو وليه ورضاه معتبر واليتيم ونحوه يعتبر رضا وليه.
ومن المعلوم أن البيع المطلق إنما يرضى به كل من البائع والمشتري بسلامة مطلوبه من العيب فأما المعيب فإنه لم يرض به فإن رضي به بعد البيع وإلا فله الفسخ.
وكذلك المدلس كالمصراة وغيرها.
والمبيع إما عين وإما دين فالعين يكون العيب فيها والدين يكون
العيب في محله فإذا كان المدين عاجزا عن الوفاء فهذا عيب.
ولهذا قال أصحابنا له الفسخ إذا بان المشترى معسرا أو ماله غائبا إما مسافة القصر أو ما دونها على أحد الوجهين وكذلك إن كان جاحدا أو مماطلا ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم «مطل الغني ظلم وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع» اشترط أحمد أن يكون مليئا بماله وقوله وبدنه ولو رضي بالحوالة ثم ظهر المحل معيبا لكون الغريم مفلسا ففيه قولان هما روايتان عن أحمد.
إحداهما ليس له الفسخ وهو المشهور من مذهب الشافعي.
والثانية له الفسخ وهو مذهب مالك وهذا هو الصواب قطعا فإنه لو وفاه المال فأخذه فظهر به عيب كان له رده بالاتفاق.
مخ ۱۵۳