وجوه يوم بدر ناظرات .... إلى الرحمن يأتي بالخلاص وحذف المضاف وإبقاء المضاف إليه غير قليل في اللغة وفي القرآن، وقد وضع له في علم النحو فصل مستقل كما في مغنى اللبيب، وذكره علماء البيان وسموه إيجاز القصر، هذا في باب الإيجاز والإطناب والمساواه، وذكروه ثانيا في باب المجاز، وسموه مجاز الحذف، والقرينة على الحذف عقلية وهي استحالة الرؤية.
ويؤيد ذلك من سياق الآية: أن الله ذكر في الآية التي تليها صفتين للأشقياء فقال: ((ووجوه يومئذ باسرة (24) تظن أن يفعل بها فاقرة (25))) [القيامة:24-25]. فقابل بين باسرة وناظرة، وعلى ما قلنا قابل أيضا بين ((تظن أن يفعل بها فاقرة))، وبين انتظار الثواب، وعلى قول أهل التفسير الثالث لا يتم التقابل إلا بين الوصفين الأولين، والمناسب لجمال البلاغة هو الأول.
وقوله تعالى: ((كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون))، وقوله تعالى: ((فمن كان يرجولقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)) ونحوهما من الآيات.
فسبيلها سبيل ما تقدم فيقدر عن ثواب ربهم يومئذ لمحجوبون، فمن كان يرجو لقاء ثواب ربه، والملجأ إلى تقدير ذلك استحالة رؤية الله.
مخ ۴۰