أما الأحاديث التي رويت في تفسير قوله تعالى: ((والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه))، فيجب أن تفسر بالتفسير الذي فسرت به الآية القرآنية، وإلا وجب طرحها، وذلك لأنها من الأخبار الآحادية، وأخبار الآحاد لا تفيد إلا الظن، والمطلوب فيما نحن فيه هو العلم.
والذي يدل على صحة هذا التفسير هو ما ثبت من أن الله تعالى ليس
بجسم كما قدمنا من بيان الدلالة على ذلك عقلا وسمعا كقوله تعالى: ((ليس كمثله شيء)) [الشورى:11]، ((ولم يكن له كفوا أحد))، فحين تعذر المعنى الحقيقي فسرنا ذلك بالمعنى المجازي الذي جاء في غاية الحسن وغاية الكمال، في التعبير عن قدرة الله العظيمة، وتصويره لذلك بالصورة المحسوسة تقريبا إلى الفهم البشري القاصر.
[معنى الاستواء والكيف]
قوله تعالى: ((الرحمن على العرش استوى)) [طه:5]، بهذه الآية أثبت بعضهم لله تعالى حقيقة الاستواء من غير تكييف، ولا تمثيل بزعمهم، ولهم في ذلك مقولة رووها عن الإمام مالك: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
ونقول: الكيف الذي يذكره المتكلمون على حسب ما فهمته كقول حفيد محمد بن عبد الوهاب: إن له يدين بلا كيف، وعينين بلا كيف، هو الصفة كالطول والقصر والألوان والأشكال والحركة والسكون والقيام والقعود والإضطجاع والكبر والصغر إلخ، فالمعنى بأن له يدين بلا صفة إلخ.
مخ ۳۲