87

نیازک په انساني تاریخ کې

النيازك في التاريخ الإنساني

ژانرونه

وتشير الإرهاصات التي صاحبت اكتشاف السيد «فليبي»، في عام 1932م، لفوهات «وابر» في الربع الخالي بالمملكة العربية السعودية، إلى معرفة الإنسان قديما بمواقع الصدمات النيزكية، وتأثيراتها على الحياة والحضارة. فالذي كان يحرك «فليبي» للقيام بهذه الرحلة البعيدة، في مكان خال من الحياة، قصة رواه له رجل من الأعراب، يدعى «جابر بن فراج». وملخص القصة:

25

أنه في مكان ما بالربع الخالي، بالموقع الذي توجد فيه فوهات «وابر»، توجد أطلال مدينة خربة قديمة، يطلق عليها «وابر»، حلت لها في الأزمنة الغابرة كارثة طبيعية فدمرتها. وكانت الكارثة عبارة عن ريح عاتية ومدمرة، مرت على المدينة، فسوت بها الأرض. فهذه الرواية تعني أن وابر هي مدينة قوم «عاد» التي عتت عن أمر ربها، ولم تتبع نصائح «هود»، كما ورد في القرآن الكريم، وتعني «هوبر» في الإنجيل، على حد رأي «فليبي» ذاته. والذي جذب «فليبي» أكثر لاستكشاف هذه المدينة البائدة؛ ما ورد في رواية الأعرابي من أنه بالقرب من الموقع توجد قطعة كبيرة (كبر حدبة الجمل) من الحديد؛ ولهذا السبب فإن الناس يطلقون على الموقع اسم «الحديدة». فتوقع «فليبي» وجود بقايا مصنوعات حديدية قديمة، ذات قيمة تاريخية ومادية عالية، يمكن الحصول عليها من الموقع؛ ومن ثم عقد العزم على استكشاف الموقع، والتعرف على طبيعته، وتقصي الرواية التي رواها له الأعرابي. ولم تكن المدينة التي قصدها «فليبي» سوى موضع هوى عليه نيزك حديدي كبير أحدث فجوات في الأرض، وتناثرت شظاياه بالموقع مختلطة مع كسرات المادة الزجاجية التي نتجت عن الحرارة العالية التي ولدتها الصدمة النيزكية بصخور الحجر الرملي التي تشكل المنطقة. وتشبه الكسرات الزجاجية الموجودة بموقع فوهات وابر؛ الخبث الذي يتخلف عن عمليات صهر الخامات المعدنية، أثناء عمليات استخلاص الفلزات. وتكشف القصة عن معرفة الإنسان القديم للدمار الكبير الذي تحدثه الارتطامات النيزكية بالأرض. وإن كانت القصة تقصر دمار المدينة بالريح، ولا تذكر سقوط أحجار أو نار من السماء، فإنها تشير إلى جانب مهم من تأثيرات الصدمات النيزكية بالأرض، وهو الريح الشديدة التي تصاحب انفجار النيازك إثر دخولها جو الأرض، وارتطامها بالصخور الأرضية، كما هو الحال في حادثة «تونجسكا».

ومما يؤكد معرفة الإنسان القديم للصدمات النيزكية، وارتباطها في عقله بالحديد، رواية يذكرها بعض الباحثين

26

عن الحدادين في «سيرلانكا». وهذه الرواية، تقول: يشير الحدادون في «سيرلانكا» إلى مواقع عمليات صهر الحديد القديمة، حيث تختلط بقايا من الحديد المستخلص من عمليات الصهر، مع قطع من الخبث المتخلفة عن عمليات الصهر؛ يشيرون إليها على أنها مواضع صدمات نيزكية، أي أنها قطع حديد سماوية. وهذا المشهد الذي يعنيه الحدادون في «سيرلانكا» يتوافق مع مشهد موقع الصدمة النيزكية في «وابر» وفي بعض المواضع الأخرى؛ حيث تختلط قطع الحديد مع المواد الزجاجية التي تنشأ عن صهر الصخور الأرضية، من تأثير حرارة الصدمة، وتناثرها حول الموقع. ففي موقع فوهات «وابر» النيزكية تحديدا، أشارت الدراسات التي أجراها «جيفري سي. وين»، ومرافقه الراحل «جين شوميخر»

Gene Shoemaker ، على الموقع أثناء الزيارة الحقلية التي تمت في عام 1995م، وظهرت نتائجها خلال عامي 1997-1998م، إلى نوع من الزجاج، يطلق عليه تسمية «زجاج شبيه بالخبث». إذن فحدادو «سيريلانكا» لا يقولون ذلك من فراغ، وإنما يعكس قولهم هذا، مشاهدات طبيعية. ويلتمس الباحث العذر لمن يفسر مواقع الصدمات النيزكية، على أنها مواقع حضارات قديمة، تعرضت للكوارث الطبيعية، كما في رواية الأعرابي عن فوهات وابر، وكذلك من يرى أن مواقع صهر خامات الحديد الأرضي القديمة، التي كانت تتم فيها عمليات تحويل الخامات الأرضية للحديد الفلزي؛ فالمشهدان متشابهان تقريبا؛ إذ كلاهما يحوي قطعا وشظايا من الحديد الفلزي، وقطعا زجاجية سوداء بها فجوات، وبها مكتنفات من حبيبات الحديد الفلزي.

ويختلف الأمر نسبيا، بالنسبة لفوهة «تسوينج»، بجمهورية جنوب أفريقيا. وتسمية «تسوينج» باللغة التسوانية المحلية تعني «موقع الملح»، حيث كانت تسمى قديما «غور ملح بريتوريا». والفوهة عبارة عن تجويف بيضاوي منتظم الشكل نسبيا، يظن الباحثون أنها فوهة بركانية، أو تجويف ناتج عن تحركات أرضية، أو فوهة نيزكية، في حين يرى السكان المحليون أن الفوهة عبارة عن عالم سحري مليء بالعجائب والأسرار. ومن بين القصص التي يروج لها الناس: أن أفعى عملاقة تعيش تحت سطح المياه الكئيبة التي تغطي قاع الحفرة، وأنها تدرب ال «سانجوماس» [معالجون وأنبياء] وتنمي مهاراتهم، بطريقة سرية لا يشعر بها أحد. فإذا ما تجاوز أحد الحدود المحددة لمجال المنطقة، ودخل الفوهة بدون تصريح نهارا أو ليلا، فإن الأفعى تقوم على الفور بقتله. وتؤكد هذه القصص الأسطورية على وجود كهف كبير بالجزء الشمالي من حافة الفوهة، يحتوي على عظام الضحايا، الذين قتلتهم الأفعى العملاقة على مر الزمن.

27

الفصل التاسع

ناپیژندل شوی مخ