نیازک په انساني تاریخ کې
النيازك في التاريخ الإنساني
ژانرونه
يعد مذنب هالي واحدا من أشهر المذنبات وأكثرها عناية من قبل الباحثين. وتعود تسمية هذا المذنب باسم مذنب هالي، نسبة إلى اسم الفلكي الإنجليزي «إدموند هالي»، الذي عاصر وصادق العالم الشهير السير «إسحاق نيوتن»، صاحب «قانون الجاذبية» المعروف، حيث كان أول من عكف على دراسة هذا المذنب، أثناء ظهوره في عام 1682م، وخلص في عام 1707م، إلى أن مذنبات عام 1531م، 1607م، 1682م، كانت تكرارا لمذنب واحد، بفترة فاصلة قدرها 76 عاما تقريبا.
11
وتوقع أن يعود المذنب نفسه للظهور في عام 1758م. ويعد ما ذهب إليه «هالي» من أن المذنب سوف يعود ثانية للظهور خلال فترة زمنية محددة؛ يعد نصرا فلكيا منقطع النظير؛ فقد كان «نيوتن» [الذي استفاد هالي نفسه من قانونه] يفضل احتمال أن المذنبات تدور في مدارات مفتوحة حول الشمس، تتضمن رحلة واحدة فقط؛ ومن ثم فقد راهن «هالي» على سمعته العلمية، بزعمه أن المذنب سوف يعود ثانية، وهو ما حدث بالفعل بعد وفاته؛ ومن ثم فقد سمي المذنب باسمه تكريما له، بصفته أول من أثبت أن المذنبات يمكن أن تدور في مدارات مغلقة (على شكل قطع ناقص). وقد تكرر ظهور المذنب بعد ذلك، في عام 1835م، 1910م، 1986م. وسوف يعود ثانية إلى الظهور - إن شاء الله - في عام 2061م.
ومذنب هالي ضيف قديم جدا بالنسبة لسكان الأرض؛ إذ تمت مشاهدته - على ما يبدو - خلال الألف الثانية قبل الميلاد. فأقدم تسجيل لظهور مذنب هالي، ربما يعود إلى عام 240 قبل الميلاد. ويبدو أن هذا المذنب هو الذي ظهر في عام 1057 قبل الميلاد، كما في كتاب الأمير الصيني «هوي نان». ولقد لعب مذنب هالي دورا مهما في تاريخ البشرية؛ فاقترابه من الأرض في عام 66م ربما يكون مرتبطا بقصة السيف الذي ظل معلقا فوق القدس لمدة عام، «لجوزيفوس». وفي عام 1066م شاهد «النورمانديون» عودة أخرى لمذنب هالي. وبما أن المذنب كان على - حد تفكير الناس آنذاك - نذيرا بسقوط مملكة ما، فإنه شجع وسرع بشكل ما غزو «وليم» الفاتح لإنجلترا. وقد ورد ذكر المذنب، بوصفه حدثا مشهودا، في إحدى صحف ذلك الزمان المعروفة باسم: «ذي باييه تابستري». وفي عام 1301م، شاهد «جيوتو»، أحد مؤسسي الرسم الواقعي الحديث، ظهورا آخر لمذنب هالي، وقد أدخله في الصورة التي رسمها لميلاد السيد المسيح. وفي عام 1466م، أثار ظهور المذنب الرعب في أوروبا، لأن المسيحيين خشوا أن يكون نذيرا بانتصار الأتراك، الذين كانوا قد استولوا توا على القسطنطينية. وحتى في العصر الحديث، لم يتوقف الناس عن التخوف والرهبة من ظهور المذنب؛ إذ أثار موعد ظهوره في 1910م الرعب في نفوس الناس، وتوقع البعض نهاية البشرية، لما قد يحدثه من تسمم في جو الأرض. والذي أزكى هذا الشعور لدى الناس، ما كان قد أعلنه الفلكي «وليام هوجنر»، في عام 1868م، من وجود مادة «اليانوجين»، المؤلفة من الكربون والنيتروجين (ك ن). ومن المعروف أن هذه المادة تصنع منها مادة السيانيدات السامة. وهذا الأمر جعل الناس يعتقدون أن تسمما وشيكا سوف يلحق بالأرض، من جراء مرور المذنب بجو الأرض. وعكف الناس على شراء الحبوب المضادة للمذنب.
المذنبات في التراث العربي
رصد العرب ظاهرة المذنبات في مؤلفاتهم الموسوعية (العلمية الأدبية التاريخية)، باعتبارها نجوما أو كواكب تظهر عرضا في السماء ثم تختفي، بوصفها ضربا من الأجسام السماوية، وبوصفها أحداثا جديرة بالاهتمام. ومن اللافت للانتباه أن بعض المؤرخين العرب، صدروا أحداث السنين بظهور المذنبات، فوردت في أهم الأحداث التي حدثت في التواريخ التي يتناولونها بالتدوين، مما يعني اهتمامهم بهذه الظاهرة الطبيعية. ومن تسجيلات المؤرخين العرب لظاهرة ظهور المذنبات، تسجيل حدث ظهور مذنب هالي في أكثر حالات اقترابه من الأرض. وهذا حدث لم تسجله دوريات وحوليات ووثائق الأمم الأخرى. ومن الطريف أن تبدو دورية المذنبات باعتبارها تتحرك وتختفي ثم تعود فتظهر ثانية . ومن بين أهم التعريفات العلمية لظاهرة المذنبات، ما أوردة المرزوقي (أحمد بن محمد بن الحسن أبو علي المرزوقي، عالم بالأدب من أهل أصبهان [المتوفى في سنة 421ه/1030م])، في كتابه الرائع «الأزمنة والأمكنة»، الذي فرغ من تأليفه في 13 جمادى الآخرة سنة 453ه. ففي الباب الثالث والستين، وفي معرض حديثه عن الكواكب، ومواضعها، يعرض تعريفا عمليا دقيقا للمذنبات:
12 «فإن قيل: كيف تميز للعلماء مواضع هذه الكواكب ومقاديرها في سيرها على خفائها وعجز الحس عن إدراكها؟ قلت: أدركوا ذلك في الأزمنة المتعاقبة والدهور المترادفة، فكان أحدهم يقف في عمره مع تفقده البليغ لها على بعض أحوالها، ثم يرسم ما يقف عليه لمن يخلف بعده، وقد شاركه فيما مضى ثم قاس الأخلاف بعدهم قرنا بعد قرن، فوجدوها وقد تقدمت عن تلك الأماكن الأول، وكذلك فعل الأخلاف للأخلاف، وقد ضبطوا تواريخ تلك الأزمنة معتبرين فوجدها تتحرك بأسرها معا حركة واحدة، فتقطع في كل مائة عام درجة واحدة، حينئذ حكموا بما قالوا، فهذه حال هذه الكواكب المسماة ثوابت، إلا كوكبا واحدا، فإنه سيار خلاف سيرها، وخلاف سير السيارات كلها وهو الكوكب الذي سماه المنجمون ذا الضفيرة وذا الذؤابة وهو الذي تسميه العامة كوكب الذنب، وإنما يظهر في الزمان بعد الزمان ولأصحاب الملاحم فيه روايات. فعلى هذا عرف العلماء مواضع هذه الكواكب من الفلك وحكموا بما حكموا في كتبهم من شأنها.»
وفي رواية نقلها بدر الدين العيني (محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد أبو محمد بدر الدين العيني الحنفي [762-855ه/1360-1451م])، في كتابه الموسوعي «عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان» دلائل على ما يمكن اعتباره توصل العرب لفكرة دورية المذنبات، قبل هالي بزمن كبير نسبيا. ففي معرض ذكره لحوادث السنة الرابعة والثمانين بعد الستمائة ، يذكر المؤلف واقعة طريفة تشير إلى بعض المعتقدات التي كانت سائدة لدى الناس حيال المذنبات، وتشير أيضا إلى مفهوم دورية المذنبات، وإن لم تصغ صياغة علمية، فيذكر:
13 «وحدث الشيخ شعبان الهوي قال: حدثني الشيخ شرف الدين السنجاري التاجر السفار قال: كنت بالموصل سنة أربع وثمانين (يشير إلى سنة 684ه) ليلة النصف من المحرم، فظهر كوكب عظيم له ثلاث ذوائب طوال إلى جهة المغرب، فتعجب الناس من ذلك، وكان في الجماعة عماد الدين بن الدهان رئيس المنجمين، فسألوه عنه فقال: هذا الكوكب ظهر في سنة عشرين وأربعمائة، وله ذؤابتان في طول الذي ترونه وأخرى قصيرة جدا، فولد في ذلك التاريخ المستنصر خليفة مصر، فعاش سبعا وستين سنة، وأقام خليفة ستين سنة، ثم ظهر هذا الكوكب في سنة تسعين وأربعمائة، فولد في هذا التاريخ عبد المؤمن صاحب الغرب، فعاش سبعين سنة، وملك خمسين سنة، ثم ظهر هذا الكوكب في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، فولد في هذا التاريخ الناصر لدين الله، خليفة بغداد فعاش تسعا وستين سنة، وأقام خليفة سبعا وأربعين سنة، وها هو قد ظهر في هذا الوقت وذوائبه الثلاث كاملة متساوية، يدل على أنه يولد في هذه الليلة مولود سعيد يملك مصر والشام والعراق، ويعيش ثلاثين وثلاثين وثلاثين، فنظروا فلم يولد في تلك الليلة إلا الملك الناصر محمد بن قلاوون المذكور. قلت: صادف كلامه ذلك ولكنه أخطأ في المدة على ما لا يخفى.» وفي كتاب «شذرات الذهب في أخبار من ذهب»، يسجل المؤرخ الفقيه الأديب أبو الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي المتوفى سنة 1089ه، بعض الممارسات التي كانت سائدة حيال ظهور المذنبات. ففي معرض تأريخه لأحداث سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة، يذكر حادثة ظهور مذنب في سنة 330ه، أشار إليه بكوكب عظيم له ذنب منتشر، وارتبط بظهوره انتشار الغلاء وانتشار الأمراض:
14 «فيها (يشير لسنة 331ه)، كما قال في الشذور وافى جراد زائد عن الحد حتى بيع كل خمسين رطلا بدرهم واستعان به الفقراء على الغلاء. وفي التي قبلها (330ه) ظهر كوكب عظيم ذو ذنب منتشر فبقي ثلاثة عشر يوما ثم اضمحل واشتد الغلاء والمرض.» ويذكر نفس المعتقدات تقريبا في معرض تأريخه لأحداث سنة 458ه:
ناپیژندل شوی مخ