عَنى بِهِ غَيره فَكيف يتلذذ بِمَا كلم بِهِ غَيره وَإِنَّمَا صَار كَذَلِك لِأَن الله تَعَالَى خَاطب أولي الْعُقُول والبصائر والألباب فَمن ذهب عقله وبصيرته ولبه فِي شَأْن نَفسه ودنياه كَيفَ يفهم كَلَام رب الْعَالمين ويتلذذ بِهِ وَإِنَّمَا وَقع الْبر واللطف على أهل تِلْكَ الصّفة
عدنا إِلَى تَأْوِيل الحَدِيث وَهُوَ قَوْله ﷺ إِذا حدثتم عني بِحَدِيث تعرفونه وَلَا تُنْكِرُونَهُ فَنَقُول من تكلم بعد الرَّسُول ﷺ بِشَيْء من الْحق وعَلى سَبِيل الْهدى فالرسول ﷺ سَابق إِلَى ذَلِك القَوْل وَإِن لم يكن تكلم بذلك اللَّفْظ الَّذِي أَتَى بِهِ من بعده فقد أَتَى الرَّسُول ﷺ بِأَصْلِهِ مُجملا فَلذَلِك قَالَ فصدقوا بِهِ قلته أَو لم أَقَله إِن لم أَقَله بذلك اللَّفْظ الَّذِي يحدث بِهِ عني فقد قلته إِذا جِئْت بِالْأَصْلِ وَالْأَصْل مؤد عَن الْفَرْع
فجَاء الرَّسُول ﷺ بِالْأَصْلِ ثمَّ تكلم أَصْحَابه والتابعون رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ من بعده بالفروع فَإِذا كَانَ الْكَلَام مَعْرُوفا عِنْد الْمُحَقِّقين غير مُنكر فَهُوَ قَول الرَّسُول ﷺ قَالَه أَو لم يقلهُ يجب علينا تَصْدِيقه لِأَن الأَصْل قد قَالَه الرَّسُول ﷺ وأعطاناه وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لأَصْحَابه الَّذين قد عرفهم بِالْحَقِّ فَإِنَّمَا يعرف الْحق المحق وَهُوَ أولو الْأَلْبَاب والبصائر فَأَما المخلط المكب على شهوات الدُّنْيَا المحجوب عقله عَن الله تَعَالَى فَلَيْسَ هُوَ المعني بِهَذَا لِأَن صَدره مظلم فَكيف يعرف الْحق وَإِنَّمَا شَرط رَسُول الله ﷺ فَقَالَ إِذا جائكم عني حَدِيث تعرفونه وَلَا تُنْكِرُونَهُ
وَإِنَّمَا تعرف وتنكر الْعُقُول الَّتِي لَهَا إِلَى الله سَبِيل يصل إِلَى الله وَنور الله سراجه وَالْعقل بصيرته وَالْحق جيئته والسكينة طابعه فَيرجع إِلَى