قالوا: وحدها في العرض من مدينة أسوان وما سامتها من الصعيد الأعلى المتاخم لأرض النوبة، إلى رشيد وما حاذاها من مساقط النيل في البحر الرومي، ومسافة ذلك قريب من ثلاثين يوما. ويكتنفها من مبدئها في العرض إلى منتهاها جبلان [أحدهما في الضفة الشرقية من النيل، وهو المقطم، والآخر في الضفة الغربية منه. والنيل منسرب فيما بينهما. وهما] أجردان غير شامخين، يتقاربان جدا في وضعيهما من لدن مدينة أسوان إلى أن ينتهي إلى الفسطاط، فثم تتسع مسافة ما بينهما وتنفرج قليلا، ويأخذ المقطم منهما مشرقا والآخر مغربا على وراب في أخذهما وتفريج في مسلكيهما، فتتسع أرض مصر من الفسطاط إلى البحر الرومي الذي عليه الفرماء وتنيس ودمياط ورشيد والاسكندرية، وهناك تنقطع في عرضها الذي هو مسافة [مابين] أوغلها في الجنوب و[أوغلها] في الغرب والشمال. وإذا ما مسحت بالطريق البرهانية في طريق هذه المسافة [من الأميال] لم تبلغ ثلاثين ميلا، بل تنقص عنها نقصا ما له قدر، وذلك لأن فضل ما بين عرض أسوان التي هي أوغلها في الجنوب وعرض مدينة تنيس التي هي أوغلها في الشمال، تسعة أجزاء ونحو سدس جزء من الأجزاء التي بها تحيط الدائرة العظمى، [وهي] ثلاثمائة وستون جزءا. وليس بين طوليهما فضل يقع بسببه في هذا الحساب ما له قدر يعتد به. فإذا ضاعفنا هذا العدد بما يخص الدرجة الواحدة من محاذاة ذلك من الأميال، وذلك ستة وخمسون ميلا وثلثا ميل علة ما دل علية البرهان، كان ذلك نحو خمسمائة وعشرون ميلا بالتقريب، وذلك مسافة سير عشرين يوما أو قريب من ذلك. وفي هذه المدة من الزمان يقطع السفار أبدا ما بين هذين البلدين بالسير المعتدل في أكثر من ذلك قليلا، لما في الطريق من التعريج وعدم الاستقامة.
مخ ۱۶