فإن ترني سكرت فلا تلمني
فأخذت منها تلك الأبيات وقلت لها: يا سيدتي، إنها لرقعة تداوي العليل وتشفي الغليل. ثم أخذت الكتاب وخرجت، فنادتني بعد الخروج وقالت لي: يا بن منصور، قل له: إنها في هذه الليلة ضيفك. ففرحت أنا بذلك فرحا شديدا ومضيت بالكتاب إلى جبير بن عمير، فلما دخلت عليه وجدت عينه شاخصة إلى الباب ينتظر الجواب، فلما ناولته الورقة فتحها وقرأها وفهم معناها فصاح صيحة عظيمة ووقع مغشيا عليه، فلما أفاق قال: يا بن منصور، هل كتبت هذه الرقعة بيدها ولمستها أناملها؟ قلت: يا سيدي، وهل يكتب الناس بغير الأنامل؟! فما كدت أتم الكلام إلا وقد سمعنا وقع أقدام في الدهليز، فقام على أقدامه كمن لم يكن به ألم قط واعتنقا معا مدة طويلة وعادا إلى سابق الوداد.
الوزير والجارية
رأى وزير من الوزراء جارية حسناء تخطر في خفيف الثياب فهاج منه لاعج الغرام وأنشد:
تبدت فهذا البدر من كلف بها
وحقك مثلي في دجى الليل حائر
وماست فشق الغصن غيظا ثيابه
ألست ترى أوراقه تتناثر
فسمعه أحد الأدباء فقال:
وفاحت فألقى العود في النار نفسه
ناپیژندل شوی مخ