من الله أيقنت أن لست باقيا
وأن قد دنا موتي وحانت منيتي
وقد جلبت عيني علي الدواهيا
أموت بشوق في فؤادي مبرح
فيا ويح نفسي من به مثل ما بيا
فسارت القينة والحاضنة إلى عمه فأخبرتاه الخبر، فاشتدت له رحمته فتلطف في دس جارية من جواريه إليه، وكانت ذات أدب وعقل، فلم تزل تستخرج ما في قلبه، حتى باح لها بالذي في نفسه، فصارت السفير فيما بينه وبين الجارية، وكثرت ما بينهما الكتب، وعلمت أخته بذلك فانتشر الخبر فوهبتها له فبرأ من علته وأقام على أحسن حال.
أبو ريحانة وحاملة القربة
قال الأصمعي: مررت بالبصرة بدار الزبير بن العوام فإذا أنا بشيخ من ولد الزبير يكنى أبا ريحانة ما عليه إلا شملة تستره، فسلمت عليه وجلست إليه أحدثه، فبينا أنا كذلك إذ طلعت علينا جارية حسناء تحمل قربة، فلما نظرها لم يتمالك أن قام إليها ثم قال: أيتها الفتاة غني لي صوتا، فقالت: إن موالي أعجلوني، قال: لا بد من ذلك، قالت: أما والقربة على رأسي فلا، قال: فأنا أحملها، فأخذ القربة وحملها على عنقه، واندفعت الجارية فغنت:
فؤادي أسير لا يفك ومهجتي
تقضى وأحزاني عليك تطول
ناپیژندل شوی مخ