أشكو إليك فإن ذاك يسير
غراء مبسام كأن حديثها
در تحدر نظمه منثور
لا حسنها حسن ولا كدلالها
دل ولا كوقارها توقير
إن اللسان بذكرها لموكل
والقلب صاد والخواطر صور
ولئن جزيت الود مني مثله
إني بذلك يا بثين جدير
فقال له روق: إنك لعاجز ضعيف في استكانتك لهذه المرأة وذلك الاستبداد بها مع كثرة النساء ووجود من هو أجمل منها، وإنك منها بين فجور أرفعك عنه وذل لاأحبه لك وكمد يؤديك إلى التلف ومخاطرة بنفسك لقومها، إن تعرضت لهم بعد إعذارهم إليك، وإن صرفت نفسك عنها وغلبت هواك فيها وتجرعت مرارة الحزم وصبرت نفسك عليها طائعة أو كارهة ألفت ذلك وسلوت. فبكى جميل وقال: يا أخي لو ملكت اختياري لكان ما قلت صوابا، ولكني لا أملك لي اختيارا وما أنا إلا أسير لا يملك لنفسه نفعا، وقد جئتك لأمر أسألك أن لا تكدر ما رجوته عندك فيه بلوم وأن تحمل على نفسك في مساعدتي، قال: فإن كنت لا بد مهلكا نفسك فاعمل على زيارتها ليلا فإنها تخرج مع بنات عم لها إلى ملعب لهن فأجيء معك حينئذ سرا، ولي أخ من رهط بثينة من بني الأحب تأوي عنده نهارا فأسأله مساعدتك على هذا فتقيم عنده نهارا وتجتمع معها ليلا إلى أن تقضي إربك، فشكره، ومضى روق إلى الرجل الذي من رهط بثينة فأخبره الخبر واستعهده كتمانه وسأله مساعدته فيه، فقال له: لقد جئتني بإحدى العظائم، ويحك إن في هذا معاداتي الحي جميعا إن فطن به، فقال: أتحرز في أمره من أن يظهر، فواعده في ذلك ومضى إلى جميل فأخبره بالقصد، فأتيا الرجل ليلا فأقاما عنده وأرسل إلى بثينة بوليدة له بخاتم جميل، فدفعته إليها، فلما رأته عرفت الأمر فتبعتها وجاءته، فتحدثا ليلتهما وأقام بموضعه ثلاثة أيام، ثم ودعها وقال لها: عن غير قلى والله ولا ملل يا بثينة كان وداعي لك، ولكني قد تذممت من هذا الرجل الكريم وتعريضه نفسه لقومه، وقد أقمت عنده ثلاثة أيام، ثم انصرف وقد تذكر عذل روق له فأنشد:
ناپیژندل شوی مخ