كانت عند يزيد بن عبد الملك جارية حسناء، نحيلة القد، كاملة العقل والأدب، فعظم حبه لها وأخذت بمجامع قلبه، فقال لها يوما: ويحك! أما لك قرابة أو أحد تحبين أن أضيفه أو أسدي إليه معروفا؟ قالت: يا أمير المؤمنين، ليس لي قرابة، ولكن بالمدينة ثلاثة أشخاص كانوا أصدقاء لمولاي أحب أن ينالهم مثل ما نالني من الخير، فكتب إلى عامله بالمدينة في إحضارهم إليه وأن يدفع لكل واحد منهم عشرة آلاف درهم، فلما وصلوا إلى باب يزيد استؤذن لهم في الدخول عليه، فأذن لهم وأكرمهم غاية الإكرام وسألهم عن حوائجهم ، فأما اثنان منهم فذكرا حوائجهما فقضاها، وأما الثالث فسأله عن حاجته، فقال: يا أمير المؤمنين، ما لي حاجة، قال: ويحك! أولست أقدر على حوائجك؟ قال: بلى، يا أمير المؤمنين، ولكن حاجتي ما أظنك تقضيها، فقال: ويحك! فاسألني فإنك لا تسألني حاجة أقدر عليها إلا قضيتها، قال: فلي الأمان يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم، قال: إن رأيت يا أمير المؤمنين أن تأمر جاريتك التي أكرمتنا بسببها أن تغني ثلاثة أصوات بما أقترح عليها من الشعر، فتغير وجه يزيد ونادى بالجارية فحضرت، فقال: سل حاجتك، فقال: يا أمير المؤمنين مرها تغني بهذا الشعر:
لا أستطيع سلوا عن مودتها
أو يصنع الحب بي فوق الذي صنعا
أدعو إلى هجرها قلبي فيسعدني
حتى إذا قلت هذا صادق نزعا
فأمرها فغنت، ثم قال للفتى: سل حاجتك، فقال: مرها يا أمير المؤمنين أن تغني بهذا الشعر:
تخيرت من نعمان عود أراكة
لهند ولكن من يبلغه هندا
ألا عرجا بي بارك الله فيكما
وإن لم تكن هند لأرضكما قصدا
ناپیژندل شوی مخ