247

نثر الدر

نثر الدر

ایډیټر

خالد عبد الغني محفوط

خپرندوی

دار الكتب العلمية

شمېره چاپونه

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٤هـ - ٢٠٠٤م

د خپرونکي ځای

بيروت /لبنان

ژانرونه

ادب
بلاغت
كَانَ المعتصم قد قرر عِنْد الْمَأْمُون أَن الْعَبَّاس يبغضه، فحطه ذَلِك عِنْده، فَلَمَّا ركب الْمَأْمُون فِي اللَّيْل لقتل ابْن عَائِشَة رأى الْعَبَّاس بن الْحُسَيْن قد ركب مَعَ أَهله ومواليه فِي السِّلَاح، فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون: سررت بالمخاض طَمَعا فِي الولاد، فَقَالَ: معَاذ الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن أكون عَلَيْك مَعَ عَدو، وَمَا أعلم فِي بني أبي أحدا لَو ملك كَانَ لي مثلك. قَالَ: فَمَا هَذِه الْعدة وَالْعدة؟، قَالَ: اتباعٌ لأمر الله وَقَوله: " مَا كَانَ لأهل الْمَدِينَة وَمن حَولهمْ من الْأَعْرَاب أَن يتخلفوا عَن رَسُول الله وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفسِهِم عَن نَفسه ". قَالَ: أَنْت الْمُصدق. فَلَمَّا قتل ابْن عَائِشَة وَانْصَرف، قَالَ لَهُ الْعَبَّاس: الله الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي الدِّمَاء الَّتِي لَا بَقِيَّة مَعهَا، وَلَا عُقُوبَة بعْدهَا، والبس رِدَاء الْعَفو الَّذِي ألبسك الله إِيَّاه وجملك بِهِ، وأسعدك بِاسْتِعْمَالِهِ، فَإِن الْملك إِذا قتل أغرى بِالْقَتْلِ حَتَّى يصير عَادَة من عاداته، وَلَذَّة من لذاته، فَقَالَ: وَالله يَا أَبَا الْفضل لَو سَمِعت هَذَا مِنْك قبل قَتْلِي لِابْنِ عَائِشَة مَا قتلته. ولطفت حَاله عِنْد الْمَأْمُون بعد ذَلِك. وعزى الْعَبَّاس رجلا، فَقَالَ: إِنِّي لم أقل شاكًا فِي عزمك، وَلَا زَائِدا فِي علمك، وَلَا مُتَّهمًا لفهمك، وَلكنه حق الصّديق، وَقَول الشفيق؛ فاسبق السلوة بِالصبرِ، وتلق الْحَادِثَة بالشكر يحسن لَك الله الذخر، ويكمل لَك الْأجر. قَالَ إِسْحَاق: أتيت الْعَبَّاس مرّة فَسلمت عَلَيْهِ، ثمَّ تَأَخَّرت عَنهُ، فَقَالَ لي: أذقتنا، فَلَمَّا اشتقناك لفظتنا. وَقَالَ لَهُ رجل: كم سنك؟ فَقَالَ: خلفت الْخمسين، وَإِن التقاتي لطويل إِلَيْهَا. وَسَأَلَهُ الْمَأْمُون عَن رجل، فَقَالَ: رَأَيْت لَهُ حلمًا وأناةً وَلم أر سفها وَلَا عجلة، وَوجدت لَهُ بَيَانا وإصابةً، وَلم أر لحنا وَلَا إِحَالَة، يَجِيء بِالْحَدِيثِ على مطاويه. وينشد الشّعْر على مَعَانِيه، ويروي الْأَخْبَار المتقنة، وَيَرْمِي بالأمثال المحكمة.

1 / 267