لأن التي قبلها وهي: " اخترت الرجال " كان الأصل فيها حرف الجر، فأسقط للمعنى الذي ذكرناه في الفعل عند اتصال الفعل به.
وأما هذه فالأصل فيها سقوط حرف الجر، وأن يكون " الذنب " مفعولًا بالغفران الذي لا يتعدى بحرف، لأنه من " غفرت الشيء "، إذا غطيته وسترته، مع أن الاسم الأول هو فاعل في الحقيقة وليس كذلك " زيد " وسبعين رجلًا في باب (اختار) فلذلك تقول: " استغفر زيد ذنبه ربه! في جيد الكلام.
فإن قيل: فإن كان سقوط حرف الجر هو الأصل، فمن إذًا زائدة، كما قال
الكسائي، وليس كما قال سيبويه ولا الزجاجي: إنما حذفت حرف الجر ثم
نصبت.
قلنا: إنما سقوط حرف الجر أصل في الفعل المشتق منه نحو: " غفر "، وأما إذا
قلت: " أستغفر "، أو " أستغفر أنا الله "، ففي ضمن الكلام ما لا بد له من حرف الجر، لأنك لا تطلب كفرًا مجردًا من معنى التوبة والخروج من الذنب، وإنما تريد الاستغفار خروجا من الذنب وتطهيرًا منه، فلزمت " مِن " في الكلام لهذا المعنى فهي متعلقة بالمعنى لا بنفس اللفظ، فإن حذفتها تعدى الفعل ونصب، وكان بمنزلة قولك: " أمرتك الخير ".