[المكرر في القرآن]
ومن علل الملحدين وأهل الأضاليل، وما يعارضون به في الكتاب والتنزيل، بما فيه من ترديد للكلام في تبيينه، وما ذكر الله من التبيان فيه رحمة منه لأهل دينه، وفي ذلك بمن الله وإحسانه من الرحمة والنعمة، ومن البيان المكرم عما جعل بذلك وفيه من العلم والحكمة، وما لم يزل يعرف أهل النهى والعلم أنه من أرحم الرحمة، وأحكم ما يعقلون من مفهوم أهل الحكمة، لم يزل عليه بعض حكماء الأولين، وقدماء من يعرف بالحكمة من الخالين، وهو يردد الكلام ويكرره، ليفهم خليله عنه: أكثر عليك من التكرير في قولي، يا من هو صفوتي وخليلي، لما في الترديد والتكرير للكلام، من العون والقوة على الإفهام.
وفي ذلك ما يقول آخر من الحكماء، وفي أوائل ما خلا من القدماء، ربما احتيج إلى القول الكثير الطويل، في الإبانة عن المعنى اليسير. مع من لا نحصيه منهم في عدده، ممن كان يعرف فضل تكرير القول وتردده، في ملتمس الحكمة، ومبتغى الرحمة.
ونحن بعد فنقول: مما لا تنكره العقول: إنه إذا كان القليل من البيان بيانا وإحسانا في غيره، فالإكثار منه والتكرير أوضح في إحسان المحسن وتثنيته، لا يأبى ذلك ولا ينكره، من صح فيه فكره ونظره.
مخ ۴۵