ولهم أهدي هذا العمل:
محمد صبحي شرف
سدرة كمال
ضياء حمزة
الفصل الأول
1
2010م
أكان يتوجب عليك أن تكون بهذا القدر من الوسامة؟ ومن السحر الغامض؟ بشعر داكن، وجبهة عريضة، وشفتين رقيقتين، وندبة واضحة في راحة يدك اليمنى، أراها بوضوح وأنا أسلمك كتابا أو مالا؟ أكان يجب أن تكون بهذا الكمال؟ وعبارة يتيمة تظل ترددها أمامي كلما حاولت أن أعبث بغرورك لأسمع منك المزيد، لكن لا تقول سواها: «كل قارئ له عشقه الخاص!» تلقيها أمامي بسخرية المنتصر، وعبث الشامت، وكأنك تقول: «كلا، لم تنفع محاولتك أيضا هذه المرة!» لكن أنى لي بغيرها ، وأنا بعد في السابعة عشرة من عمري؟
كانت مكتبتك التي تعمل فيها ذلك الوقت هي نافذتي الوحيدة إليك وإلى عالمك الساحر، لا أذكر مرة أن التقت أعيننا، لكم تمنيت أن يحدث ذلك ولو لمرة واحدة؛ فنظرة واحدة فقط كانت ستعلمك كم في القلب من معان! وفي كل زيارة كنت أطرح عليك السؤال ذاته: «بم تنصحني هذه المرة؟» وكنت تجيبني الإجابة ذاتها: «كل قارئ له عشقه الخاص.» كم كنت صغيرة وساذجة! لم أتعلم بعد حيل النساء وأساليبهن. ومر العام سريعا، كنت فيه جاري ومؤنسي وأملي وبابي إلى سعادة مسروقة أتنسمها بداية كل شهر، وانتهى العام في لحظة واحدة، شهق بعدها الزمن ليتركني في هوة كبيرة من الفراغ والوحشة. هكذا رحلت بكل البساطة والبرود الممكنين، ولم لا؟ أكنت أعني لك شيئا؟ وما الغريب في القصة؟ افتتحت مكتبة، وأغلقت بعد عامين، فلم يكن مشروعا رابحا على أية حال. وهكذا انتهت قصتك الوسيمة وملامحك السعيدة التي لا أعرف لها وصفا غير ذلك؛ فأنت السعادة وكفى. رحلت لكنك وهبتني عشق الكتاب، «شكرا» الآن أقولها، «شكرا» فقد منحتني عشقا جديدا.
لاحظ أبي أنني أقرأ كثيرا، فاقترح علي، على الرغم من تشدده، أن ألتقي أحد جيراننا الذي يسكن عند المنعطف، وهو رجل كبير في العمر يمتلك مكتبة ضخمة، يمكنني أن أستعير منه ما أشاء من الكتب، لكن بشرط ألا أذهب وحدي؛ إذ علي أن أصطحب معي أختي الصغيرة. هكذا أبي، كلما أحسست أنه أغلق علي أبواب الحياة، أجده يترك لي إحدى نوافذها لتتسلل إلي نسائمها الشائقة.
ناپیژندل شوی مخ