نشأت حقوق انسان
نشأة حقوق الإنسان: لمحة تاريخية
ژانرونه
déclaration . تشير الكلمة في الأساس في اللغة الفرنسية إلى قائمة بالأراضي تمنح إلى أحد اللوردات الإقطاعيين مقابل التعهد بالولاء. وعلى مدار القرن السابع عشر، ارتبطت اللفظة على نحو متزايد بالبيانات العامة الصادرة عن الملك. وبعبارة أخرى، ارتبط فعل الإعلان بالسيادة. ومع انتقال السلطة من اللوردات الإقطاعيين إلى الملك الفرنسي، انتقلت أيضا سلطة إصدار الإعلانات. وفي إنجلترا، حدث العكس أيضا: عندما كان الرعايا يريدون إعادة التأكيد على حقوقهم من الملوك، كانوا يحررون إعلاناتهم الخاصة. هكذا أضفت «الماجنا كارتا» («الوثيقة العظمى») الصادرة سنة 1215 الصفة الرسمية على حقوق البارونات الإنجليز في مقابل حقوق الملك الإنجليزي؛ وأكدت «عريضة الحقوق» لعام 1628 «الحقوق والحريات المختلفة للرعايا »؛ وصدقت «مذكرة الحقوق» البريطانية لعام 1689 على «الحقوق والحريات الحقيقية والعريقة والثابتة لأبناء هذه المملكة».
1
في عامي 1776 و1789، بدت كلمات مثل «وثيقة»، و«عريضة»، و«مذكرة» غير كافية لمهمة ضمان الحقوق (وينطبق الشيء نفسه على الإعلان العالمي لعام 1948). انطوت كل من لفظة «عريضة» و«مذكرة» في فحواها على معنى الطلب والالتماس إلى قوة أعلى (فالمذكرة هي في الأصل عريضة تقدم إلى الحاكم)، أما «الوثيقة» فتعني عادة ميثاقا أو صكا قديما. أما كلمة «إعلان» فكانت أقل تعبيرا عن القدم والخنوع. زد على ذلك أن «الإعلان»، بخلاف «العريضة» و«المذكرة» أو حتى «الوثيقة»، يمكن أن يدل على النية في امتلاك السيادة. وعليه، بدأ جيفرسون «إعلان الاستقلال» بتعليل ضرورة التصريح به قائلا: «حين يتعين على شعب من الشعوب، في سباق الأحداث البشرية، أن يفصم عرى الروابط السياسية التي تربطه بشعب آخر، وأن يحتل بين دول المعمورة المكانة المنفصلة المتساوية التي تؤهله لها قوانين الطبيعة وسنن خالقها، فإن الاحترام الحق لآراء البشرية يفرض عليه «الإعلان» [وهذا هو شاهدي] عن الأسباب التي دفعته إلى هذا الانفصال.» ولم يتسبب تعبير «الاحترام الحق» في حجب النقطة الرئيسية، وهي أن المستعمرات تعلن نفسها دولة منفصلة ومتساوية وتمتلك سيادتها. (انظر الملحق إذا أردت الاطلاع على النص الكامل للإعلان.)
على النقيض، في عام 1789، لم يكن النواب الفرنسيون مستعدين بعد للإفصاح صراحة عن رفضهم لسيادة ملكهم. غير أنهم حققوا تقريبا نفس الأهداف من خلال الحذف المتعمد لأي ذكر للملك في «إعلان حقوق الإنسان والمواطن»: «إن ممثلي الشعب الفرنسي، الملتئمين في جمعية وطنية، إذ يؤكدون أن الجهل والإهمال وعدم احترام حقوق الإنسان هي وحدها أسباب شقاء المجتمع وفساد الحكومات، يعلنون أنه قد قر عزمهم على أن يعرضوا في إعلان للعموم [وهذا هو شاهدي] حقوق الإنسان الطبيعية، الثابتة، المقدسة.» تعين على الجمعية أن تفعل أكثر من مجرد إلقاء الخطب أو صياغة القوانين حول قضايا بعينها؛ كان عليها أن تثبت كتابة من أجل الأجيال القادمة أن هذه الحقوق لم تنبع من اتفاق بين الحاكم والمواطنين ، ولا من عريضة رفعت إليه أو عهد منحه، وإنما من طبيعة البشر نفسها.
جمع الإعلانان بين النظر إلى الماضي والتطلع إلى المستقبل في الوقت نفسه. ففي الإعلانين، ادعى المعلنون أنهم يؤكدون على حقوق موجودة بالفعل ولا يرقى إليها الشك. لكنهم بهذا صنعوا ثورة في السيادة ووضعوا أساسا جديدا تماما للحكومة. أكد «إعلان الاستقلال» على أن الملك جورج الثالث سحق حقوق ساكني المستعمرات الموجودة مسبقا، وأن أفعاله بررت تأسيس حكومة منفصلة: «متى أصبح أي شكل من أشكال الحكم خطرا على هذه الغايات [ضمان الحقوق]، فإن من «حق» الشعب أن يغيره أو يلغيه، وأن يقيم نظاما جديدا للحكم.» بالمثل أعلن النواب الفرنسيون أن هذه الحقوق قد جرى تجاهلها ببساطة أو إهمالها أو ازدراؤها، ولم يدعوا أنهم ابتكروها. غير أن الإعلان اقترح منذ ذلك الحين فصاعدا أن هذه الحقوق تشكل أساس الحكومة، مع أنها لم تكن موجودة في الماضي. وحتى فيما زعم النواب أن هذه الحقوق موجودة بالفعل وأنهم يدافعون عنها فقط، فإنهم خلقوا شيئا جديدا تماما: حكومات معتمدة على ضمان الحقوق العالمية.
إعلان الحقوق في أمريكا
لم يبدأ الأمريكيون بخطة واضحة للانفصال عن بريطانيا العظمى، ولم يتخيل أحد في ستينيات القرن الثامن عشر أن الحقوق ستؤدي بهم إلى مثل هذه التجربة الجديدة. إن إعادة تشكيل ملكة الحس ساعدت على جعل فكرة الحقوق أكثر واقعية لدى الطبقات المثقفة، كما حدث في المناقشات حول التعذيب والعقوبات القاسية على سبيل المثال، غير أن فكرة الحقوق تغيرت أيضا بتغير الظروف السياسية، وبات لدينا لغتان مختلفتان من لغات الحقوق في القرن الثامن عشر: لغة «الحصر» (اقتصار الحقوق على شعب معين أو ثقافة قومية) ولغة العمومية (حقوق الإنسان بصفة عامة). واستخدم الأمريكيون واحدة أو الأخرى أو مزيجا منهما معا، تبعا للظروف. أثناء أزمة «قانون الطوابع» الذي صدر في منتصف ستينيات القرن الثامن عشر، على سبيل المثال، أكد مؤلفو الكتيبات السياسية على حقوقهم باعتبارهم سكان المستعمرات بداخل الإمبراطورية البريطانية، في حين أن «إعلان الاستقلال» أثار بوضوح الحقوق العالمية لكل البشر. وبعد ذلك وضع الأمريكيون تقليدهم الحصري الخاص في دستور عام 1787 وفي وثيقة الحقوق لعام 1791. وعلى النقيض، اعتنق الفرنسيون على الفور تقريبا اللغة العمومية للحقوق، ويعزى هذا في جزء منه إلى أنها تقوض المزاعم الحصرية والتاريخية للحكم الملكي؛ ففي المناقشات التي دارت حول «الإعلان الفرنسي»، حث الدوق ماثيو دي مونتمورنسي زملاءه من النواب على أن يحذوا حذو الولايات المتحدة قائلا: «لقد ضربوا لنا مثلا عظيما في النصف الجديد من الكرة الأرضية؛ فلنضرب نحن مثلا للعالم أجمع.»
2
قبل أن يعلن الأمريكيون والفرنسيون حقوق الفرد، عاش المؤيدون البارزون للعمومية على هامش القوى العظمى. ولعل هذا التهميش هو نفسه الذي مكن عددا من المفكرين الهولنديين والألمانيين والسويسريين من أن يكونوا المبادرين في المناداة بعالمية الحقوق. ففي وقت مبكر، نحو عام 1625، طرح فقيه كالفيني هولندي اسمه هوجو جروشيوس فكرة أن الحقوق قابلة للتطبيق على كل أفراد الجنس البشري ولا تقتصر على بلد واحد بعينه أو فئة معينة، وقد عرف «الحقوق الطبيعية» على أنها شيء مملوك ذاتيا ويمكن إدراكه بمعزل عن مشيئة الله، واقترح أيضا أن الناس بمقدورهم استخدام حقوقهم - بدون مساعدة الدين - لإرساء الأسس التعاقدية للحياة الاجتماعية. وصور تلميذه الألماني صامويل بوفندورف، أول أستاذ جامعي في القانون الطبيعي بجامعة هايدلبيرج، إنجازات جروشيوس في كتابه عن التاريخ العام لتعاليم القانون الطبيعي الذي نشر عام 1678. ومع أن بوفندورف وجه النقد إلى جروشيوس في بعض النقاط، فإنه ساعد على تعزيز سمعة جروشيوس باعتباره مصدرا أساسيا لنمط عالمية الحقوق.
3
ناپیژندل شوی مخ