impredicable ». وهنا نجد تصنيفا جامعا مانعا؛ فكل صفة إما أن تكون قابلة للحمل وإما ألا تكون. فضمن أية فئة إذن ينبغي أن نصنف الصفة «غير قابل للحمل»؟
لنفرض أن الصفة «غير قابل للحمل» قابلة للحمل، وعندئذ تكون متصفه بالصفة التي تدل عليها، مثل «قابل للتخيل»، ومن ثم تكون الصفة «غير قابل للحمل» غير قابلة للحمل، ولكن لنفرض أن الصفة «غير قابل للحمل» غير قابلة للحمل. والفرض الذي قلنا به يقرر أن «غير قابل للحمل» لها نفس الصفة التي تدل عليها، وعلى ذلك فإن «غير قابل للحمل» قابلة للحمل، وهكذا فإننا كيفما صنفنا الصفة «غير قابل للحمل»، وصلنا إلى تناقض.
هذا النوع من النقائض يمثل مشكلة خطيرة. ولو شئنا أن يكون المنطق موثوقا به على نحو مطلق، فلا بد أن يكون لدينا ضمان بأنه لن يؤدي إلى متناقضات. وإنه لمن الحقائق الطريفة أن المناطقة القدماء ذاتهم قد وضعوا نقائض، اشتهرت من بينها مفارقات زينون. ومع ذلك فإن النظرية الحديثة في الفئات تؤدي إلى استبعاد معظم هذه المفارقات، وذلك عن طريق تحليل تصور «اللامتناهي» على نحو أدق. أما نقيضة رسل فتحتاج إلى علاج أجرأ. فهي تدل على أنه ليس كل تجمع للكلمات يمكن أن يقبل على أنه عبارة ذات معنى، وتدل على أن بعض التجمعات، وإن كانت تتخذ صورة جملة، ينبغي أن تعد تجمعات لا معنى لها، مثال ذلك أن الجملة (الصفة «محدد» محددة)، وإن كانت تبدو معقولة لأول وهلة، ينبغي أن تستبعد من مجال الجمل التي لها معنى. وقد صاغ رسل قيود اللغة هذه في نظريته في الأنماط
theory of types ، وبمقتضاها تكون صفة الصفة من نمط أعلى من صفة الشيء. هذا التمييز يجعل صياغة النقيضة مستحيلا، وبذلك يخلص المنطق من المتناقضات.
فهل نحن على ثقة من أن المناطقة لن يكتشفوا أبدا أنواعا أخرى من النقائض؟ وهل لدينا ضمان بأن المنطق بريء من التناقض؟ هذه المشكلة شغلت الرياضي الألماني «هلبرت
Hilbert »، وهو من أعظم الرياضيين في عصرنا. فبدأ سلسلة من الأبحاث التي كانت تهدف إلى إيجاد برهان على أن المنطق والرياضة بريئان من التناقض. وقد واصل آخرون عمله، غير أن البرهان لم يقدم حتى الآن إلا بالنسبة إلى نظم منطقية بسيطة إلى حد ما. وقد نشأت صعوبات من تطبيق هذا البرهان على ذلك النظام المعقد للرياضيات، الذي يستخدمه الرياضي الحديث، وما زال من الأمور غير المؤكدة إن كان البرنامج الذي وضعه هلبرت للبرهنة على الاتساق أمرا يمكن تنفيذه أم لا. أما ما سيكونه الجواب، فتلك مشكلة من مشكلات المنطق الحديث التي لم تحل. وقد يكون في وجود أمثال هذه المشكلات دليل على أن المنطق الحديث ما زال في حاجة إلى مزيد من الأبحاث، فما زال من الواجب القيام بقدر هائل من التحليل، من نوع لم يكن يمكن تصوره في ظل المنطق التقليدي.
ولقد أدت دراسة النقائض ونظرية الأنماط إلى تمييز له أهميته العظمى: هو التمييز بين اللغة واللغة البعدية
metalanguage (واللفظ
meta
الذي يسبق الكلمة الإنجليزية من أصل يوناني بمعنى «ما بعد»). فعلى حين أن اللغة المعتادة تتحدث عن أشياء، فإن اللغة البعدية تتحدث عن اللغة. وعلى ذلك فإننا عندما نضع نظرية في اللغة فإنما نتحدث «لغة بعدية». ومن الوسائل المألوفة في التعبير عن الانتقال إلى اللغة البعدية استخدام علامات الاقتباس
ناپیژندل شوی مخ